الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل .

قال العلماء : يجب على المفسر أن يتحرى في التفسير مطابقة المفسر ، وأن يتحرز في ذلك من نقص عما يحتاج إليه في إيضاح المعنى ، أو زيادة لا تليق بالغرض ، ومن كون المفسر فيه زيغ عن المعنى ، وعدول عن طريقه . وعليه بمراعاة المعنى الحقيقي والمجازي ومراعاة التأليف ، والغرض الذي سيق له الكلام ، وأن يؤاخي بين المفردات .

ويجب عليه البداءة بالعلوم اللفظية ، وأول ما يجب البداءة به منها تحقيق الألفاظ المفردة فيتكلم عليها من جهة اللغة ، ثم التصريف ، ثم الاشتقاق ، ثم يتكلم عليها بحسب التركيب ، فيبدأ بالإعراب ، ثم بما يتعلق بالمعاني ، ثم البيان ، ثم البديع ، ثم يبين المعنى المراد ، ثم الاستنباط ، ثم الإشارة .

وقال الزركشي في أوائل البرهان : قد جرت عادة المفسرين أن يبدءوا بذكر سبب النزول ، ووقع البحث في أنه أيما أولى بالبداءة به : بتقدم السبب على المسبب ، أو بالمناسبة ، لأنها المصححة لنظم الكلام ، وهي سابقة على النزول .

قال : والتحقيق التفصيل بين أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول ، كآية : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها [ النساء : 58 ] . فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر [ ص: 462 ] السبب لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد ، وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم المناسبة .

وقال في موضع آخر : جرت عادة المفسرين ممن ذكر فضائل القرآن أن يذكرها في أول كل سورة ، لما فيها من الترغيب والحث على حفظها ، إلا الزمخشري فإنه يذكرها في أواخرها .

قال مجد الأئمة عبد الرحيم بن عمر الكرماني : سألت الزمخشري عن العلة في ذلك فقال : لأنها صفات لها ، والصفة تستدعي تقديم الموصوف ، وكثيرا ما يقع في كتب التفسير : حكى الله كذا فينبغي تجنبه .

قال الإمام أبو النصر القشيري في المرشد : قال معظم أئمتنا : لا يقال كلام الله يحكى ، ولا يقال : ( حكى الله ) لأن الحكاية الإتيان بمثل الشيء ، وليس لكلامه مثل . وتساهل قوم فأطلقوا لفظ الحكاية بمعنى الإخبار ، وكثيرا ما يقع في كلامهم إطلاق الزائد على بعض الحروف ، وقد مر في نوع الإعراب .

وعلى المفسر أن يتجنب ادعاء التكرار ما أمكنه . قال بعضهم : مما يدفع توهم التكرار في عطف المترادفين نحو : لا تبقي ولا تذر [ المدثر : 28 ] . صلوات من ربهم ورحمة [ البقرة : 157 ] . وأشباه ذلك : أن يعتقد أن مجموع المترادفين يحصل معنى لا يوجد عند انفراد أحدهما ، فإن التركيب يحدث معنى زائدا ، وإذا كانت كثرة الحروف تفيد زيادة المعنى ، فكذلك كثرة الألفاظ . انتهى .

وقال الزركشي في البرهان : ليكن محط نظر المفسر مراعاة نظم الكلام الذي سيق له وإن خالف أصل الوضع اللغوي لثبوت التجوز .

وقال في موضع آخر : على المفسر مراعاة مجازي الاستعمالات في الألفاظ التي يظن بها الترادف ، والقطع بعدم الترادف ما أمكن ، فإن للتركيب معنى غير معنى الإفراد ، ولهذا منع كثير من الأصوليين ، وقوع أحد المترادفين موقع الآخر في التركيب ، وإن اتفقوا على جوازه في الإفراد . انتهى .

[ ص: 463 ] وقال أبو حيان : كثيرا ما يشحن المفسرون تفاسيرهم عند ذكر الإعراب بعلل النحو ودلائل مسائل أصول الفقه ، ودلائل مسائل الفقه ، ودلائل أصول الدين ، وكل ذلك مقرر في تآليف هذه العلوم ، وإنما يؤخذ ذلك مسلما في علم التفسير دون استدلال عليه ، وكذلك أيضا : ذكروا أنه لا يصح من أسباب النزول وأحاديث في الفضائل ، وحكايات لا تناسب ، وتواريخ إسرائيلية ، ولا ينبغي ذكر هذا في علم التفسير .

التالي السابق


الخدمات العلمية