الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( لأي يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( لأي يوم أجلت ) أي أخرت ، كأنه تعالى يعجب العباد من تعظيم ذلك اليوم ، فقال : لأي يوم أخرت الأمور المتعلقة بهؤلاء ، وهي تعذيب من كذبهم ، وتعظيم من آمن بهم ، وظهور ما كانوا يدعون الخلق إلى الإيمان به من الأهوال والعرض والحساب ونشر الدواوين ووضع الموازين .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم إنه تعالى بين ذلك فقال : ( ليوم الفصل ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : يوم يفصل الرحمن بين الخلائق ، وهذا كقوله : ( إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين ) [ الدخان : 40 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم أتبع ذلك تعظيما ثانيا فقال : ( وما أدراك ما يوم الفصل ) ، أي : وما علمك بيوم الفصل وشدته ومهابته .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم أتبعه بتهويل ثالث فقال : ( ويل يومئذ للمكذبين ) أي للمكذبين بالتوحيد والنبوة والمعاد ، وبكل ما ورد من الأنبياء عليهم السلام وأخبروا عنه . بقي ههنا سؤالان :

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 239 ] السؤال الأول : كيف وقع النكرة مبتدأ في قوله : ( ويل يومئذ للمكذبين ) ؟

                                                                                                                                                                                                                                            الجواب : هو في أصله مصدر منصوب ساد مسد فعله ، ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه ، ونحوه ( سلام عليكم ) [ القصص : 55 ] ويجوز " ويلا " بالنصب ، ولكن لم يقرأ به .

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الثاني : أين جواب قوله : ( فإذا النجوم طمست ) ؟ الجواب من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : التقدير : إنما توعدون لواقع إذا النجوم طمست ، وهذا ضعيف ؛ لأنه يقع في قوله : ( فإذا النجوم طمست ) .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن الجواب محذوف ، والتقدير ( فإذا النجوم طمست ) وإذا وإذا ، فحينئذ تقع المجازاة بالأعمال وتقوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية