الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 912 ] النوع الخامس والستون :

        معرفة أوطان الرواة وبلدانهم ، هو مما يفتقر إليه حفاظ الحديث في تصرفاتهم ومصنفاتهم ، ومن مظانه الطبقات لابن سعد ، وقد كانت العرب إنما تنسب إلى قبائلها ، فلما جاء الإسلام وغلب عليهم سكنى القرى انتسبوا إلى القرى كالعجم ، ثم من كان ناقلة من بلد إلى بلد وأراد الانتساب إليهما فليبدأ بالأول فيقول في ناقلة مصر إلى دمشق : المصري والدمشقي ، والأحسن : ثم الدمشقي ، ومن كان من أهل قرية بلدة فيجوز أن ينسب إلى القرية وإلى البلدة وإلى الناحية وإلى الإقليم ، قال عبد الله بن المبارك وغيره : من أقام في بلدة أربع سنين نسب إليها .

        التالي السابق


        ( النوع الخامس والستون : معرفة أوطان الرواة وبلدانهم ، وهو مما يفتقر إليه حفاظ الحديث في تصرفاتهم ومصنفاتهم ) ، فإن بذلك يميز بين الاسمين المتفقين في اللفظ .

        [ ص: 913 ] ( ومن مظانه : الطبقات لابن سعد .

        وقد كانت العرب إنما تنتسب إلى قبائلها ، فلما جاء الإسلام وغلب عليهم سكنى القرى ، انتسبوا إلى القرى ) ، والمدائن ( كالعجم .

        ثم من كان ناقلة من بلد إلى بلد ، وأراد الانتساب إليهما ، فليبدأ بالأول ، فيقول في ناقلة مصر إلى دمشق : المصري والدمشقي .

        والأحسن : ثم الدمشقي ) لدلالة ثم على الترتيب .

        وله أن ينتسب إلى أحدهما فقط ، وهو قليل قاله المصنف في تهذيبه .

        ( ومن كان من أهل قرية بلدة ) بإضافة قرية إليها ، ( فيجوز أن ينسب إلى القرية ) فقط ، ( وإلى البلدة ) فقط ، ( وإلى البلدة ) فقط ، ( وإلى الناحية ) التي فيها تلك البلدة فقط . زاد المصنف ( وإلى الإقليم ) فقط .

        يقول : فيمن هو من حرستا مثلا . وهي قرية من قرى الغوطة التي هي كورة من كور دمشق : الحرستائي ، أو الغوطي ، أو الدمشقي ، أو الشامي .

        وله الجمع فيبدأ بالأعم وهو الإقليم ، ثم الناحية ، ثم البلد ، ثم القرية ، فيقال : الشامي الدمشقي الغوطي الحرستائي .

        [ ص: 914 ] وكذا في النسب إلى القبائل ، يبدأ بالعام قبل الخاص ، ليحصل بالثاني فائدة لم تكن لازمة في الأول ، فيقال القرشي ، ثم الهاشمي ، ولا يقال : الهاشمي القرشي لأنه لا فائدة للثاني حينئذ ، إذ يلزم من كونه هاشميا كونه قرشيا بخلاف العكس ، ذكره المصنف في تهذيبه .

        قال : فإن قيل فينبغي أن لا يذكر الأعم بل يقتصر على الأخص .

        فالجواب : أنه قد يخفى على بعض الناس كون الهاشمي قرشيا ، ويظهر هذا الخفاء في البطون الخفية ، كالأشهل من الأنصار ، إذ لو اقتصر على الأشهل لم يعرف كثير من الناس أنه من الأنصار أم لا ؟ فذكر العام ثم الخاص لدفع هذا الوهم .

        قال : وقد يقتصرون على الخاص وقد يقتصرون على العام ، وهذا قليل .

        قال : وإذا جمع بين النسب إلى القبيلة والبلد قدم النسب إلى القبيلة ، انتهى .

        ( قال عبد الله بن المبارك وغيره : من أقام في بلدة أربع سنين نسب إليها ) .

        فائدة :

        صنف في الأنساب الحازمي كتاب العجالة ، وهو صغير الحجم ، والرشاطي ، ثم الحافظ أبو سعد السمعاني كتابا ضخما حافلا ، واختصره ابن الأثير في ثلاث مجلدات وسماه اللباب ، وزاد فيه شيئا يسيرا ، وقد اختصرته أنا في مجلدة لطيفة وزدت فيه [ ص: 915 ] الجم الغفير وسميته لب اللباب ، ولله الحمد .

        هذا آخر ما أورده المصنف - رحمه الله تعالى - من أنواع علوم الحديث تبعا لابن الصلاح ، وقد بقيت أنواع أخر ، ها أنا أوردها والله - سبحانه وتعالى - المستعان .



        ( النوع السادس والسابع والستون ) : المعلق والمعنعن : تقدم ذكرهما في نوع المعضل .



        ( النوع الثامن والتاسع والستون ) : المتواتر والعزيز : تقدما في نوعي المشهور والغريب .



        ( النوع السبعون ) المستفيض : أشرت إليه في نوع المشهور .



        ( النوع الحادي والثاني والسبعون ) المحفوظ والمعروف : حررتهما في نوع الشاذ والمنكر .



        ( النوع الثالث والسبعون ) المتروك : وتقدم في نوع المنكر وعقيب المقلوب .



        ( النوع الرابع والسبعون ) : المحرف : تقدمت الإشارة إليه في نوع المصحف .



        ( النوع الخامس والسبعون ) : معرفة أتباع التابعين : قد ذكره الحاكم في علوم الحديث عقب معرفة التابعين .



        ( النوع السادس والسابع والسبعون ) : رواية الصحابة بعضهم عن بعض والتابعين بعضهم عن بعض : هذان ذكرهما البلقيني في محاسن [ ص: 916 ] الاصطلاح ، وقال إنهما مهمان ؛ لأن الغالب رواية التابعين عن الصحابة ، ورواية أتباع التابعين عن التابعين ، فيحتاج إلى التنبيه على ما يخالف الغالب .

        قلت : هذا تقدم في نوع الأقران .

        ومن أمثلة الأول : حديث اجتمع فيه أربعة صحابة ، وهو حديث الزهري ، عن السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى بن عبد الله بن السعدي ، عن عمر بن الخطاب مرفوعا : " ما جاءك الله به من هذا المال عن غير إشراف ، ولا سائل فخذه ، ولا تتبعه نفسك " .

        وحديث خالد بن معدان : عن كثير بن مرة ، عن نعيم بن هبار ، عن المقداد بن معدي كرب ، عن أبي أيوب عن عوف بن مالك قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو مرعوب متغير اللون ، فقال : " أطيعوني ما دمت فيكم ، وعليكم بكتاب الله فأحلوا حلاله وحرموا حرامه " .

        وحديث اجتمع فيه أربع من نساء الصحابة : اثنتان من أمهات المؤمنين . وربيبتان للنبي - صلى الله عليه وسلم .

        [ ص: 917 ] وهو ما رواه مسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه من طريق ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن زينب بنت أم سلمة ، عن حبيبة بنت أم حبيبة ، عن أمها أم حبيبة ، عن زينب بنت جحش ، قالت : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما محمرا وجهه وهو يقول : " لا إله إلا الله " ثلاث مرات ، " ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه " ، وعقد عشرا ، قلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : " نعم إذا كثر الخبث " .

        وقد أفرد بعضهم هذه الأحاديث الثلاثة في جزء .

        قلت : وقع في بعض الأجزاء حديث اجتمع فيه خمسة من الصحابة ، أخبرني أبو عبد الله بن مقبل مكاتبة عن أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن علي الحراوي ، كلاهما عن الحافظ شرف الدين الدمياطي ، أنا الحافظ يوسف بن خليل ، أنا ذاكر بن كامل ، أنبأنا أبو زكريا يحيى بن أبي عمر الأصبهاني ، أنا أحمد بن الفاضل ، أنا أبو علي الحسين بن أحمد البردعي ، ثنا محمد بن العباس الجوزي ، ثنا محمد بن حبان الأنصاري ، ثنا الشاذكوني ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن عثمان بن عفان ، عن عمر بن الخطاب ، عن أبي بكر الصديق ، عن بلال قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " الموت كفارة لكل مسلم " .



        [ ص: 918 ] ( النوع الثامن والسبعون ) : ما رواه الصحابة ، عن التابعين عن الصحابة : هذا النوع زدته أنا ، وقد ألف فيه الخطيب ، وقد أنكر بعضهم وجود ذلك ، وقال : إن رواية الصحابة ، عن التابعين إنما هي في الإسرائيليات والموقوفات ، وليس كذلك .

        فمن ذلك حديث سهل بن سعد الساعدي ، عن مروان بن الحكم ، عن زيد بن ثابت : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أملى عليه : لا يستوي القاعدون من المؤمنين ، فجاء ابن أم مكتوم ، الحديث ، رواه البخاري ، والترمذي والنسائي .

        وحديث السائب بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر إلى صلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ، رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة .

        وحديث جابر بن عبد الله ، عن أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق ، عن عائشة ، أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجامع ثم يكسل ، هل عليهما من غسل ، [ ص: 919 ] وعائشة جالسة ، فقال : " إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل " ، رواه مسلم .

        وحديث عمرو بن الحارث بن المصطلق ، عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله بن مسعود ، عن زينب امرأة ابن مسعود ، قالت : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن ، فإنكن أكثر أهل جهنم يوم القيامة رواه الترمذي والنسائي .

        والحديث متفق عليه من رواية عمرو ، عن زينب نفسها .

        وحديث يعلى بن أمية ، عن عنبسة بن أبي سفيان ، عن أخته أم حبيبة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : من صلى اثنتي عشرة ركعة بالنهار أو بالليل بني له بيت في الجنة رواه النسائي .

        وحديث جابر بن عبد الله ، عن أبي عمرة مولى عائشة ، واسمه ذكوان ، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكون جنبا فيريد الرقاد فيتوضأ وضوءه للصلاة ثم يرقد ، رواه أحمد في مسنده .

        وحديث أبي هريرة ، عن أم عبد الله بن أبي ذئاب ، عن أم سلمة مرفوعا : ( ما [ ص: 920 ] ابتلى الله عبدا ببلاء وهو على طريقة يكرهها إلا جعل الله ذلك البلاء كفارة له " . رواه ابن أبي الدنيا في كتاب " المرض والكفارات " .

        وقد جمع الحافظ أبو الفضل العراقي الأحاديث التي بهذه الشريطة ، فبلغت عشرين حديثا .



        ( النوع التاسع والسبعون والثمانون ) : معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه وعكسه .

        ذكرهما شيخ الإسلام في النخبة .

        وصنف الخطيب في النوع الأول كتابا قال فيه : وجلت في أسماء رواة الحديث فوجدت جماعة منهم ، واطأت كناهم أسماء آبائهم ، ولبعضهم نظر لخلاف ذلك ، فربما جاءت رواية عن بعضهم باسمه وكنيته ، مضاهيا لآخر في اسمه وكنيته ، وهما اثنان فلا يؤمن وقوع الخطأ فيها .

        وقال شيخ الإسلام : فائدة معرفة ذلك نفي الغلط عمن نسبه إلى أبيه .

        وصنف أبو الفتح الأزدي في النوع الثاني كتابا [ ص: 921 ] ومن أمثلة الأول في الصحابة وفي غيرهم ، أبو مسلم الأغر بن مسلم المدني ، روى عن : أبي هريرة وغيره .

        وأبو خالد أوس بن خالد البصري ، روى عن : أبي هريرة ، وسمرة .

        وأبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق المديني من أتباع التابعين .

        وأبو إسماعيل إدريس بن إسماعيل الكوفي ، روى عن : الأعمش ، وطلحة بن مصرف .

        وأبو زياد أيوب بن زياد الحمصي ، روى عن عبادة بن الوليد بن عبادة .

        وأبو الجواب الأحوص بن جواب الكوفي الضبي ، روى عن أسباط بن نصر وغيره .

        ومن أمثلة الثاني في الصحابة : أوس بن أوس ، وسنان بن أبي سنان الأسدي ، ومعقل بن أبي معقل .

        وفي غيرهم الحسن بن أبي الحسن البصري ، وإسحاق بن أبي إسحاق السبيعي ; وعامر بن أبي عامر الأشعري .



        ( النوع الحادي والثمانون ) : معرفة من وافقت كنيته كنية زوجه ، وهذا النوع ذكره شيخ الإسلام في النخبة .

        وصنف فيه أبو الحسن بن حيويه جزءا خاصا بالصحابة ، ثم الحافظ أبو القاسم بن عساكر .

        [ ص: 922 ] وقد رأيت جزء ابن حيويه وهذه أسماء من ذكر فيه : أبو أسيد الساعدي مالك بن ربيعة الأنصاري ، وزوجه أم أسيد الأنصارية ، أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد ، وزوجه أم أيوب بنت قيس بن عمرو الأنصارية ، أبو بكر الصديق وزوجه أم بكر في الجاهلية لم يصح إسلامها ، أبو الدحداح وزوجه أم الدحداح ، أبو الدرداء وزوجه أم الدرداء الكبرى خيرة بنت أبي حدرد صحابية ، وأم الدرداء الصغرى هجيمة تابعية ، أبو ذر الغفاري وزوجه أم ذر ، أبو رافع أسلم مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجه أم رافع سلمى مولاته أيضا ، أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسود وزوجه أم سلمة هند بنت أبي أمية ، تزوجها بعده النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو سيف القين ظئر إبراهيم وزوجه أم سيف ، أبو طليق وزوجه أم طليق ، أبو الفضل العباس بن عبد المطلب ، وزوجه أم الفضل لبابة بنت الحارث ، أبو [ ص: 923 ] معقل الأسدي هيثم بن أبي معقل وزوجه أم معقل الأسدية .

        هذا ما ذكره ابن حيويه ، وقد روى عن كل من المذكورين حديثا ، وفاته أبو معبد وأم معبد ، وأبو رعلة وأم رعلة .



        ( النوع الثاني والثمانون ) : معرفة من وافق اسم شيخه اسم أبيه : هذا النوع ذكره شيخ الإسلام في النخبة .

        ومثله بالربيع بن أنس ، عن أنس ، هكذا يأتي في الروايات فيظن أنه يروي عن أبيه ، كما وقع في الصحيح : عامر بن سعد ، عن سعد وهو أبوه ، وليس أنس شيخ الربيع والده ، بل هو أنس بن مالك الصحابي المشهور ، وأبوه بكري .



        ( النوع الثالث والثمانون ) : معرفة من اتفق اسمه واسم أبيه وجده : هذا النوع ذكره شيخ الإسلام في النخبة .

        ومثله بالحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب .

        وقد صنف أبو الفتح الأزدي كتابا فيمن وافق اسمه اسم أبيه ، كالحجاج بن الحجاج الأسلمي له صحبة ، وعدي بن عدي الكندي ، وهند بن هند بن أبي هالة ، وحجر بن حجر الكلاعي ، وهاشم بن هاشم بن عتبة ، وعباد بن عباد المهلبي ، وصالح بن صالح بن حي الهمداني ، وسعيد بن سعيد بن العاص ، وغيرهم .

        وقد يتفق الاسم واسم الأب مع الاسم واسم الأب فصاعدا ، كأبي اليمن الكندي زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن .



        ( النوع الرابع والثمانون ) : معرفة من اتفق اسمه واسم شيخه وشيخ شيخه : ذكره [ ص: 924 ] شيخ الإسلام في النخبة .

        كعمران ، عن عمران ، عن عمران : الأول يعرف بالقصير ، والثاني أبو رجاء العطاردي ، والثالث ابن حصين الصحابي .

        وكسليمان عن سليمان عن سليمان : الأول ابن أحمد بن أيوب الطبراني ، والثاني ابن أحمد الواسطي ، والثالث ابن عبد الرحمن الدمشقي المعروف بابن بنت شرحبيل .

        قال : وقد يقع ذلك للراوي ولشيخه معا ، كأبي العلاء الهمداني العطار يروي عن أبي علي الأصبهاني الحداد ، وكل منهما اسمه الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد ، فاتفقا في ذلك ، وافترقا في الكنية والبلد والصنعة .

        وصنف في ذلك أبو موسى المديني جزءا حافلا .

        قلت : وقال الحاكم في أواخر علوم الحديث : ثنا خلف ، ثنا خلف ، ثنا خلف ، ثنا خلف ، ثنا خلف : فالأول الأمير خلف بن أحمد السجزي .

        والثاني : أبو صالح خلف بن محمد البخاري .

        [ ص: 925 ] والثالث : خلف بن سليمان السلفي صاحب المسند .

        والرابع : خلف بن محمد الواسطي كردوس .

        والخامس : خلف بن موسى بن خلف .

        قلت : ومن هذا النوع الحديث المسلسل بالمحمدين في كل رواته : أخبرني محمد بن إبراهيم المالكي الأديب ، إجازة عن محمد بن أحمد المهدوي ، أن محمد بن زين بن مشرف أخبره عن الزكي محمد بن يوسف البرزالي الحافظ ، ثنا محمد بن أبي الحسين الصوفي ، ثنا محمد بن عبد الله بن محمود الطائي ، ثنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق ، ثنا محمد بن علي الكراني ، ثنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى العبدي ، ثنا أبو منصور محمد بن سعد الباوردي ، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن المثنى ، ثنا محمد بن بشر ، ثنا محمد بن عمرو ، ثنا محمد بن سيرين ، عن أبي كثير مولى محمد بن جحش . أن اسمه محمد أيضا ، عن محمد بن جحش عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أنه مر في السوق على رجل وفخذاه مكشوفتان ، فقال له : " غط فخذيك ; فإن الفخذين عورة " .

        قال شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر : هذا حديث عجيب التسلل ، وليس في إسناده من ينظر في حاله سوى محمد بن عمرو ، واسم جده سهل ضعفه يحيى [ ص: 926 ] القطان ووثقه ابن حبان ، وله متابع رواه أحمد وابن خزيمة من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبي كثير ، أتم منه ، وعلقه البخاري في الصحيح .



        ( النوع الخامس والثمانون ) : معرفة من اتفق اسم شيخه والراوي عنه : ذكره شيخ الإسلام في النخبة .

        وقال : هو نوع لطيف لم يتعرض له ابن الصلاح .

        وفائدته : رفع اللبس عمن يظن أن فيه تكرارا أو انقلابا .

        ومن أمثلته : أن البخاري روى عن مسلم ، وروي عنه مسلم ; فشيخ مسلم بن إبراهيم أبو مسلم الفراديسي البصري ، والراوي عنه مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح .

        [ ص: 927 ] [ وكذا وقع لعبد بن حميد أيضا : روى عن مسلم عن إبراهيم ، و ] .

        وروى عنه مسلم بن الحجاج في صحيحه حديثا بهذه الترجمة بعينها .

        ومنها : يحيى بن أبي كثير ، روى عن هشام ، وروى عنه هشام ; فشيخه هشام بن عروة ، وهو من أقرانه ، والراوي عنه هشام الدستوائي .

        ومنها : ابن جريج ، روى عن هشام فشيخه ابن عروة ، والراوي عنه ابن يوسف الصنعاني .

        ومنها : الحكم بن عتيبة ، روى عن ابن أبي ليلى ، وروى عنه ابن أبي ليلى ; فالأعلى عبد الرحمن ، والأدنى محمد بن عبد الرحمن المذكور .



        ( النوع السادس والثمانون ) : معرفة من اتفق اسمه وكنيته : ذكره شيخ الإسلام في أول نكته على ابن الصلاح ، ولم يذكره في النخبة ، وصنف فيه الخطيب .

        وفائدته : نفي الغلط عمن ذكره بأحدهما .

        ومن أمثلته : ابن الطيلسان الحافظ محدث الأندلس اسمه ، القاسم وكنيته أبو القاسم .



        ( النوع السابع والثمانون ) : معرفة من وافق اسمه نسبه : لم يذكروه أيضا ، من ذلك : حمير بن بشير الحميري ، روى عن جندب البجلي ، وأبي الدرداء ، [ ص: 928 ] ومعقل بن يسار وغيرهم ، وقريب منهم الأسماء التي بلفظ النسب ، كالحضرمي والد العلاء .



        ( النوع الثامن والثمانون ) : معرفة الأسماء التي يشترك فيها الرجال والنساء : وهو قسمان :

        أحدهما : أن يشتركا في الاسم فقط ، كأسماء بن حارثة ، وأسماء بن رباب ، صحابيان ، وأسماء بنت أبي بكر ، وأسماء بنت عميس ، صحابيتان ، وبريدة بن الحصيب صحابي ، وبريدة بنت بشر صحابية ، وبركة أم أيمن صحابية ، وبركة بن العريان ، عن ابن عمر وابن عباس ، وهنيدة بن خالد الخزاعي ، عن علي ، وهنيدة بنت شريك عن عائشة ، وجويرية أم المؤمنين ، وجويرية بن أسماء الضبعي .

        والثاني : أن يشتركا في الاسم واسم الأب ، كبسرة بن صفوان ، حدث عن إبراهيم بن سعد ، وبسرة بنت صفوان صحابية ، وهند بن مهلب ; روى عنه محمد بن الزبرقان ، وهند بنت المهلب ، حدثت عن أبيها ، وأمية بن عبد الله الأموي ، عن ابن عمر ، وأمية بنت عبد الله عن عائشة ، وعنها علي بن زيد بن جدعان أخرج لها الترمذي .



        ( النوع التاسع والثمانون ) : معرفة أسباب الحديث : هذا النوع ذكره البلقيني في [ ص: 929 ] محاسن الاصطلاح ، وشيخ الإسلام في النخبة .

        وصنف فيه أبو حفص العكبري ، وأبو حامد بن كوتاه الجوباري .

        قال الذهبي : ولم يسبق إلى ذلك .

        وقال ابن دقيق العيد في شرح العمدة : شرع بعض المتأخرين في تصنيف أسباب الحديث كما صنف في أسباب النزول .

        ومن أمثلته : حديث " إنما الأعمال بالنيات " سببه أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك الهجرة ، بل ليتزوج امرأة يقال لها : أم قيس ، فسمي مهاجر أم قيس : ولهذا حسن في الحديث ذكر المرأة ، دون سائر الأمور الدنيوية .

        قال البلقيني : والسبب قد ينقل في الحديث ، كحديث سؤال جبريل - عليه الصلاة والسلام - عن الإيمان والإسلام والإحسان .

        ، وحديث القلتين ، سئل عن الماء يكون بالفلاة وما ينوبه من السباع والدواب .

        وحديث : " صل فإنك لم تصل " .

        وحديث : " خذي فرصة من مسك " .

        وحديث سؤال : أي الذنب أكبر ، وغير ذلك .

        وقد لا ينقل فيه ، أو ينقل في بعض طرقه ، وهو الذي ينبغي الاعتناء به ، فبذكر [ ص: 930 ] السبب يتبين الفقه في المسألة ; من ذلك حديث : " الخراج بالضمان " في بعض طرقه عند أبي داود ، وابن ماجه ، أن رجلا ابتاع عبدا فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ، ثم وجد به عيبا فخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فرده عليه ، فقال الرجل : يا رسول الله ، قد استعمل غلامي ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " الخراج بالضمان " .



        ( النوع التسعون ) : معرفة تواريخ المتون . ذكره البلقيني وقال : فوائده كثيرة ، وله نفع في معرفة الناسخ والمنسوخ .

        قال : والتاريخ يعرف بأول ما كان كذا ، ويذكر القبلية والبعدية ، وبآخر الأمرين ، ويكون بذكر السنة والشهر وغير ذلك .

        فمن الأول : أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة .

        وأول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان شرب الخمر وملاحاة الرجال " . رواه ابن ماجه .

        [ ص: 931 ] وقد صنف العلماء في الأوائل ، وأفرد ابن أبي شيبة في مصنفه بابا للأوائل .

        ومن القبلية ونحوها حديث جابر : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن نستدبر القبلة ، أو نستقبلها بفروجنا إذا أهرقنا الماء ، ثم رأيته قبل موته بعام يستقبلها ; رواه أحمد وأبو داود وغيرهما .

        وحديثه : كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار ، رواه أبو داود وغيره .

        وحديث جرير أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخف ، فقيل له : أقبل نزول سورة المائدة أم بعدها ؟ فقال : ما أسلمت إلا بعد نزول سورة المائدة .

        ومن المؤرخ بذكر السنة ونحوها حديث بريدة : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ لكل صلاة ، فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد . أخرجه مسلم .

        وحديث عبد الله بن عكيم : أتانا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - [ ص: 932 ] قبل موته بشهر : " أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب " ، رواه الأربعة .



        ( النوع الحادي والتسعون ) : معرفة من لم يرو إلا حديثا واحدا : هذا النوع زدته أنا ، وهو نظير ما ذكروه فيمن لم يرو عنه إلا واحد ، ثم رأيت أن للبخاري فيه تصنيفا خاصا بالصحابة .

        وبينه وبين الوحدان فرق ، فإنه قد يكون روى عنه أكثر من واحد وليس له إلا حديث واحد ، وقد يكون روى عنه غير حديث ، وليس له إلا راو واحد ، وذلك موجود معروف .

        ومن أمثلته في الصحابة : أبي بن عمارة المدني .

        قال المزي : له حديث واحد في المسح على الخفين ، رواه أبو داود وابن ماجه .

        آبي اللحم الغفاري ، قال المزي : له حديث واحد في الاستسقاء ، رواه الترمذي والنسائي .

        [ ص: 933 ] أحمر بن جزء البصري ، قال المزي : له حديث واحد : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه ، رواه أبو داود وابن ماجه ، تفرد به عن الحسن البصري .

        أدرع السلمي ، قال المزي : له حديث واحد : جئت ليلة أحرس النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا رجل قراءته عالية ، الحديث رواه ابن ماجه .

        بشير بن جحاش القرشي - ويقال : بشر - قال المزي : صحابي شامي له حديث واحد : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزق يوما في كفه فوضع عليها أصبعه ثم قال : يقول الله : ابن آدم أنى تعجزني ، الحديث رواه أحمد وابن ماجه .

        حدرد بن أبي حدرد السلمي ، روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه ، رواه أبو داود .

        ربيعة بن عامر بن الهاد الأزدي ، قال المزي : له حديث واحد عن النبي [ ص: 934 ] - صلى الله عليه وسلم : ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام ، رواه النسائي .

        أبو حاتم صحابي ، روى عنه محمد وسعيد ابنا عتبة حديث : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ; ليس لأبي حاتم غيره .

        قال الذهبي في طبقات الحفاظ : وأبو علي بن السكن .

        ومن غير الصحابة : إسحاق بن يزيد الهذلي المدني روى عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود حديث : " إذا ركع أو سجد فليسبح ثلاثا ، وذلك أدناه " ; رواه أبو داود ، الترمذي ، والنسائي ، قال المزي : وليس له غيره .

        إسماعيل بن بشير المدني ، روي عن جابر بن عبد الله وأبي طلحة زيد بن سهل الأنصاريين قالا : سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته " ; الحديث ، رواه أبو داود ، وقال المزي : ولا يعرف له غيره .

        الحسن بن قيس ، روى عن كرز التميمي : دخلت على الحسين بن علي أعوده [ ص: 935 ] في مرضه فبينما أنا عنده إذ دخل علينا علي بن أبي طالب الحديث ، في فضل عيادة المريض ، رواه النسائي في مسند علي ، قال المزي : ليس له ، ولا لشيخه إلا هذا الحديث .



        ( النوع الثاني والتسعون ) : معرفة من أسند عنه من الصحابة الذين ماتوا في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) .

        هذا النوع زدته أنا ، وفائدة معرفة ذلك ، الحكم بإرساله إذا كان الراوي عنه تابعيا ، وأرجو أن أجمع لهم مسندا .

        من ذلك : أبو سلمة زوج أم سلمة ، توفي مرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بدر ; روت أم سلمة عنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يصاب بمصيبة فيفزع إلى ما أمر الله به من قوله : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني عليها إلا أعقبه الله خيرا منها " . رواه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه من طريق عمر بن أبي سلمة ، عن أمي أن أبا سلمة أخبرها ، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول فذكره .

        وجعفر بن أبي طالب روى أحمد له في مسنده حديث الهجرة .

        وحمزة عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - روى له الطبراني حديثا في الحوض .

        [ ص: 936 ] ، وخديجة ، وأبو طالب ، إن صح إسلامه .



        ( النوع الثالث والتسعون ) : معرفة الحفاظ : وصنف فيه جماعة أشهرهم الذهبي وقد لخصت طبقاته ، وذيلت عليه من جاء بعده ، وها أنا أورد هنا نوعا لطيفا منه .

        قال البيهقي في المدخل : أنا عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا محمد بن عبد الله بن الحكم أنا ابن وهب ، قال : سمعت مالكا يحدث عن يحيى بن سعيد ، أن عمر بن الخطاب قال يوما : عدوا الأئمة ، فعدوها نحوا من خمسة ، قال : أفمتروك الناس بغير أئمة ، فسألت مالكا عن الأئمة من هم ؟ قال : هم أئمة الدين في الفقه والورع .

        وقال جعفر بن ربيعة : قلت لعراك بن مالك : من أفقه أهل المدينة ؟ قال : أما أعلمهم بقضايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان ، وأفقههم فقها وأعلمهم علما بما مضى من أمر الناس فسعيد بن المسيب ، وأما أغزرهم حديثا فعروة بن الزبير ، ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحرا إلا فجرته ، وأعلمهم عندي جميعا ابن شهاب ، فإنه جمع علمهم جميعا إلى علمه .

        وقال الزهري : العلماء أربعة ، سعيد بن المسيب بالمدينة ، والشعبي بالكوفة ، والحسن بالبصرة ، ومكحول بالشام .

        وقال أبو الزناد : كان فقهاء أهل المدينة أربعة : سعيد بن المسيب ، وقبيصة بن ذؤيب ، وعروة بن الزبير ، وعبد الملك بن مروان .

        [ ص: 937 ] وقال الزهري : أربعة من قريش وجدتهم بحورا ، سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وعبيد الله بن عبد الله .

        وقال ابن سيرين : قدمت الكوفة وبها أربعة آلاف يطلبون الحديث ، وشيوخ أهل الكوفة أربعة : عبيدة السلماني ، والحارث الأعور ، وعلقمة بن قيس ، وشريح القاضي ، وكان أحسنهم .

        وقال الشعبي : كان الفقهاء بعد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكوفة من أصحاب ابن مسعود هؤلاء : علقمة ، وعبيدة ، وشريح ، ومسروق ، وكان مسروق أعلم بالفتوى من شريح ، وشريح أعلم بالقضاء ، وكان عبيدة يوازيه .

        وقال أبو بكر بن أبي إدريس : ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من أبي العالية ، وبعده سعيد بن جبير ، وبعده السدي ، وبعده سفيان الثوري .

        وقال ابن عون ، وقيس بن سعد : لم نر في الدنيا مثل ابن سيرين بالعراق ، والقاسم بن محمد بالحجاز ، ورجاء بن حيوة بالشام ، وطاوس باليمن .

        وقال قتادة : أعلم التابعين أربعة : عطاء بن أبي رباح أعلمهم بالمناسك ، وسعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير ، وعكرمة مولى ابن عباس أعلمهم بسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - والحسن أعلمهم بالحلال والحرام .

        وقال سليمان بن موسى : إن جاءنا العلم من ناحية الجزيرة ، عن ميمون بن مهران قبلناه ، وإن جاءنا من البصرة عن الحسن البصري قبلناه ، وإن جاءنا من الحجاز عن الزهري قبلناه ، وإن جاءنا من الشام عن مكحول قبلناه ، كان هؤلاء الأربعة علماء الناس في زمن هشام .

        وقال أبو داود الطيالسي : وجدنا الحديث عند أربعة : الزهري ، وقتادة ، [ ص: 938 ] والأعمش ، وأبي إسحاق .

        قال : وكان الزهري أعلمهم بالإسناد ، وكان قتادة أعلمهم بالاختلاف ، وكان أبو إسحاق أعلمهم بحديث علي وعبد الله ، وكان عند الأعمش من كل هذا .

        وقال ابن مهدي : أئمة الناس في الحديث في زمانهم أربعة : مالك بن أنس بالحجاز ، والأوزاعي بالشام ، وسفيان الثوري بالكوفة وحماد بن زيد بالبصرة .

        وقال ابن المديني : شعبة أحفظ الناس للمشايخ ، وسفيان أحفظ الناس للأبواب ، وابن مهدي أحفظهم للمشايخ والأبواب ، ويحيى القطان أعرف بمخارج الأسانيد ، وأعرف بمواضع الطعن فيهم .

        وقال الخطيب : أنا البرقاني قال : أنا الإسماعيلي ، قال : سئل الفرهياني عن يحيى بن معين ، وعلي بن المديني ، وأحمد بن حنبل ، وأبي خيثمة ، فقال أما علي فأعلمهم بالحديث والعلل ، ويحيى أعلمهم بالرجال ، وأحمد أعلمهم بالفقه ، وأبو خيثمة من النبلاء .

        وأسند الخطيب عن أبي عبيد القاسم بن سلام ، قال الحفاظ أربعة ، وفي رواية : انتهى علم الحديث إلى أربعة : أبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له ، وأحمد بن حنبل أفقههم فيه ، وعلي بن المديني أعلمهم به ، ويحيى بن معين أكتبهم له .

        وعنه أيضا قال : ربانيو الحديث أربعة : فأعلمهم بالحلال والحرام أحمد بن حنبل ، وأحسنهم سياقة للحديث وأداء له علي بن المديني ، وأحسنهم وضعا للكتاب ابن أبي شيبة ، وأعلمهم بصحيح الحديث وسقيمه يحيى بن معين .

        وقال أبو علي صالح بن محمد البغدادي : أعلم من أدركت بالحديث وعلله ابن المديني ، وأفقههم بالحديث أحمد بن حنبل ، وأعلمهم بتصحيف المشايخ ابن معين ، [ ص: 939 ] وأحفظهم عند المذاكرة أبو بكر بن أبي شيبة .

        وقال هلال بن العلاء الرقي : من الله على هذه الأمة بأربعة في زمانهم : أحمد بن حنبل ثبت في المحنة ، ولولا ذلك لكفر الناس ، وبالشافعي ثقة في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحيى بن معين نفى الكذب عن حديثه ، وبأبي عبيد فسر الغريب ، ولولا ذلك لاقتحم الناس الخطأ ، وقال ابن وارة : أركان الدين أربعة : أحمد بن صالح بمصر ، وأحمد بن حنبل ببغداد ، وابن نمير بالكوفة ، والنفيلي بحران .

        وقال يحيى بن يحيى النيسابوري : كان بالعراق أربعة من الحفاظ ، شيخان وكهلان : الشيخان ، يزيد بن زريع وهشيم ، والكهلان : وكيع ويزيد بن هارون ، ويزيد أحفظ الكهلين .

        وقال عبد الصمد سليمان البلخي : سألت أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد وابن مهدي ووكيع وأبي نعيم الفضل بن دكين ، فقال : ما رأيت أحفظ من وكيع ، وكفاك بعبد الرحمن بن مهدي معرفة وإتقانا ، وما رأيت أشد تثبتا في أمور الرجال من يحيى بن سعيد ، وأبو نعيم أقل الأربعة حظا .

        وقال حنبل بن إسحاق : قال أبو عبد الله : ما رأيت بالبصرة مثل يحيى بن سعيد وبعده عبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الرحمن أفقه الرجلين ، فقيل له : فوكيع وأبو نعيم ، قال : أبو نعيم أعلم بالشيوخ وأساميهم ، وبالرجال ، ووكيع أفقه .

        وقال قتيبة : كانوا يقولون : الحفاظ أربعة ، إسماعيل ابن علية ، وعبد الوارث ، ويزيد بن زريع ، ووهيب ، وكان عبد الرحمن يختار وهيبا على إسماعيل ، وقال أبو حاتم : هو الرابع من حفاظ أهل البصرة ، ولم يكن يعد شعبة أعلم بالرجال منه .

        وقال يحيى بن معين : شعبة أعلم بالرجال وسفيان صاحب أبواب .

        [ ص: 940 ] وقال حجاج بن الشاعر : ما بالمشرق أنبل من أربعة : أبو جعفر الرازي ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وابن وارة .

        وقال أحمد بن حنبل : المثبتون في الحديث أربعة : سفيان ، وشعبة ، وزهير بن معاوية ، وزائدة بن قدامة .

        وقال شعيب بن حرب : زهير أحفظ من عشرين مثل شعبة .

        وقال قتيبة بن سعيد : فتيان خراسان أربعة : زكريا بن يحيى اللؤلؤي ، والحسن بن شجاع ، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ، ومحمد بن إسماعيل البخاري .

        وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قلت لأبي : يا أبت ما الحفاظ ؟ قال يا بني ، شباب كانوا عندنا من أهل خراسان وقد تفرقوا .

        قلت : من هم يا أبت ، قال : محمد بن إسماعيل ذاك البخاري ، وعبيد الله بن عبد الكريم ذاك الرازي ، وعبد الله بن عبد الرحمن ذاك السمرقندي ، يعني الدارمي ، والحسن بن شجاع ذاك البلخي .

        قلت : يا أبت فمن أحفظ هؤلاء ، قال : أما أبو زرعة فأسردهم ، وأما محمد بن إسماعيل فأعرفهم أما عبد الله بن عبد الرحمن فأتقنهم ، وأما الحسن بن شجاع ، فأجمعهم للأبواب .

        وعنه أيضا قال : سمعت أبي يقول : انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان : أبو زرعة الرازي ومحمد بن إسماعيل البخاري ، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ، يعني الدارمي ، والحسن بن شجاع البلخي .

        [ ص: 941 ] وقال بندار : حفاظ الدنيا أربعة : أبو زرعة بالري ، ومسلم بن الحجاج بنيسابور ، وعبد الله بن عبد الرحمن بسمرقند ، ومحمد بن إسماعيل ببخارى .

        وقال أبو حاتم الرازي : البخاري أعلم من دخل العراق ، ومحمد بن يحيى أعلم من بخراسان اليوم ومحمد بن أسلم أورعهم ، والدرامي أثبتهم .

        وقال أبو علي النيسابوري : رأيت من أئمة الحديث أربعة في وطني وأسفاري ، اثنان بنيسابور : ابن خزيمة ، وإبراهيم بن أبي طالب ، وعبدان بالأهواز ، والنسائي بمصر .

        وقال ابن كامل : أربعة ما رأيت أحفظ منهم : محمد بن أبي خيثمة ، وابن جرير ، ومحمد البربري ، والمعمري .

        وقال ابن خليل في الإرشاد : كان يقال : الأئمة ثلاثة في زمن واحد : ابن أبي داود ببغداد ، وابن خزيمة بنيسابور ، وابن أبي حاتم بالري .

        قال الخليلي : ورابعهم ببغداد أبو محمد بن صاعدة .

        وقال الحافظ أبو الفضل بن طاهر : سألت سعد بن علي الزنجاني الحافظ بمكة ، وما رأيت مثله قلت : أربعة من الحفاظ تعاصروا أيهم أحفظ ؟ قال من ؟ قلت : الدارقطني ببغداد ، وعبد الغني بن سعيد بمصر ، وأبو عبد الله بن منده بأصبهان ، [ ص: 942 ] وأبو عبد الله الحاكم بنيسابور ، فسكت ، فألححت عليه ، فقال : أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل ، أما عبد الغني فأعلمهم بالأنساب ، وأما ابن منده فأكثرهم حديثا مع معرفة تامة ، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفا .

        وقال المنذري : سألت شيخنا الحافظ أبا الحسن بن المفضل المقدسي ، وقلت له : أربعة من الحفاظ تعاصروا ، أيهم أحفظ ؟ قال : من هم ؟ قلت : ابن عساكر ، وابن ناصر ، قال : ابن عساكر أحفظ ، قلت : الحافظ أبو العلاء العطار وابن عساكر قال : ابن عساكر أحفظ ، قلت : السلفي وابن عساكر قال : السلفي أستاذنا ، قال المنذري والذهبي : هذا دليل على أن عنده أن ابن عساكر أحفظ إلا أنه وقر شيخه أن يصرح بأن ابن عساكر أحفظ منه .

        وسأل شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي عن أربعة تعاصروا أيهم أحفظ ؟ مغلطاي ، وابن كثير ، وابن رافع ، والحسيني .

        فأجاب ومن خطه نقلت : إن أوسعهم اطلاعا ، وأعلمهم للأنساب مغلطاي على أغلاط تقع منه في تصانيفه ، وأحفظهم للمتون ، والتواريخ ابن كثير ، وأقعدهم بطلب الحديث ، وأعلمهم بالمؤتلف والمختلف ابن رافع ، وأعرفهم بشيوخ المتأخرين وبالتاريخ الحسيني . وهو أدونهم في الحفظ .

        ورأيت في تذكرة صاحبنا الحافظ جمال الدين سبط ابن حجر : أربعة تعاصروا : [ ص: 943 ] التقي ابن دقيق العيد ، والشرف الدمياطي ، والتقي ابن تيمية ، والجمال المزي .

        قال الذهبي : أعلمهم بعلل الحديث والاستنباط ابن دقيق العيد ، وأعلمهم بالأنساب الدمياطي ، وأحفظهم للمتون ابن تيمية ، وأعلمهم بالرجال المزي .

        أربعة تعاصروا : السراج البلقيني والسراج ابن الملقن ، والزين العراقي ، والنور الهيثمي ، أعلمهم بالفقه ومداركه البلقيني ، وأعلمهم بالحديث ومتونه العراقي ، وأكثرهم تصنيفا ابن الملقن ، وأحفظهم للمتون الهيثمي .

        وهذا آخر ما تيسر جمعه من الأنواع .




        الخدمات العلمية