الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما جاء في حكم أرض خيبر

                                                                      3006 حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر قال أحسبه عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر فغلب على النخل والأرض وألجأهم إلى قصرهم فصالحوه على أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة ولهم ما حملت ركابهم على أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئا فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكا لحيي بن أخطب وقد كان قتل قبل خيبر كان احتمله معه يوم بني النضير حين أجليت النضير فيه حليهم قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعية أين مسك حيي بن أخطب قال أذهبته الحروب والنفقات فوجدوا المسك فقتل ابن أبي الحقيق وسبى نساءهم وذراريهم وأراد أن يجليهم فقالوا يا محمد دعنا نعمل في هذه الأرض ولنا الشطر ما بدا لك ولكم الشطر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقا من تمر وعشرين وسقا من شعير

                                                                      التالي السابق


                                                                      بمعجمة وتحتانية وموحدة بوزن جعفر ، وهي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة إلى جهة الشام . قال ابن إسحاق : خرج النبي صلى الله عليه وسلم بقية المحرم سنة سبع فأقام يحاصرها بضع عشرة ليلة إلى أن فتحها في صفر . كذا في فتح الباري .

                                                                      ( وألجأهم ) : أي اضطرهم ( الصفراء ) : أي الذهب ( والبيضاء ) : أي الفضة ( والحلقة ) : أي السلاح والدروع ( ولهم ما حملت ركابهم ) : أي جمالهم من أمتعتهم لا الأراضي والبساتين ( فغيبوا مسكا ) : بفتح الميم وسكون المهملة . قال في القاموس المسك الجلد أو خاص بالسخلة الجمع مسوك . قال الخطابي : مسك حيي بن أخطب ذخيرة من صامت وحلي كانت تدعى مسك الجمل ذكروا أنها قومت عشرة آلاف دينار ، وكانت لا تزف امرأة إلا استعاروا لها ذلك الحلي ، وكان شارطهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يكتموا شيئا من الصفراء والبيضاء فكتموه ونقضوا العهد وظهر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من أمره فيهم ما كان انتهى ( لحيي ) : بضم الحاء المهملة تصغير حي ( وقد كان قتل ) بصيغة المجهول أي حيي بن أخطب ( احتمله ) أي المسك ( معه ) : وكان من مال بني النضير فحمله حيي لما أجلي عن المدينة ( يوم بني النضير ) : أي زمن إخراجهم من المدينة ( حين أجليت النضير ) : أي من المدينة وهو بدل من قوله يوم بني النضير ، وهو في سنة أربع . قال السهيلي : وكان [ ص: 185 ] ينبغي أن يذكرها بعد بدر لما روى عقيل بن خالد ومعمر عن الزهري قال : كانت غزوة بني النضير على رأس ستة أشهر من وقعة بدر قبل أحد . قال الحافظ : وعند عبد الرزاق في مصنفه عن عروة : ثم كانت غزوة بني النضير وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من وقعة بدر ، وكانت منازلهم ونخلهم بناحية المدينة ، فحاصرهم صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة ، فأنزل الله فيهم سبح لله : إلى قوله لأول الحشر : وقاتلهم حتى صالحهم على الجلاء فأجلاهم إلى الشام ، فكان جلاؤهم أول حشر حشر في الدنيا إلى الشام ، وهذا مرسل ، وقد وصله الحاكم عن عائشة وصححه ، . انتهى . وقوله تعالى وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب : أي عاونوا الأحزاب وهم قريظة من صياصيهم : أي حصونهم ، نزلت في شأن بني قريظة فإنهم هم الذين ظاهروا الأحزاب وهي بعد بني النضير بلا ريب وأما بنو النضير فلم يكن لهم في الأحزاب ذكر ، بل كان من أعظم الأسباب في جمع الأحزاب ما وقع من إجلائهم ، فإنه كان من رءوسهم حيي بن أخطب وهو الذي حسن لبني قريظة الغدر وموافقة الأحزاب حتى كان من هلاكهم ما كان . وعند ابن سعد أنهم حين هموا بغدره صلى الله عليه وسلم وأعلمه الله بذلك ، ونهض سريعا إلى المدينة بعث إليهم محمد بن مسلمة الأنصاري أن اخرجوا من بلدي المدينة لأن مساكنهم من أعمالها فكأنها منها فلا تساكنوني بها ، وقد هممتم به من الغدر وقد أجلتكم عشرا ، فمن رئي منكم بعد ذلك ضربت عنقه فمكثوا على ذلك أياما يتجهزون ، واكتروا من أناس من أشجع إبلا ، فأرسل إليهم عبد الله بن أبي لا تخرجوا من دياركم وأقيموا في حصونكم فإن معي ألفين من قومي من العرب يدخلون حصونكم ، وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان ، فطمع حيي فيما قاله ابن أبي فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا لن نخرج من ديارنا فاصنع ما بدا لك ، فأظهر صلى الله عليه وسلم التكبير وكبر المسلمون بتكبيره وسار إليهم صلى الله عليه وسلم في أصحابه فحاصرهم صلى الله عليه وسلم وقطع نخلهم ثم أجلاهم عن المدينة وحملوا النساء والصبيان وتحملوا أمتعتهم على ستمائة بعير ، فلحق أكثرهم بخيبر منهم حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق ، وذهب طائفة منهم إلى الشام كما في سيرة الشامية .

                                                                      ولا ينافيه قول البيضاوي لحق أكثرهم بالشام لجواز أن الأكثر نزلوا أولا بخيبر ثم [ ص: 186 ] خرج منهم جماعة إلى الشام ، لكن في مغازي ابن إسحاق فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام ، فكان أشرافهم من سار إلى خيبر سلام وكنانة وحيي .

                                                                      وفي تاريخ الخميس . ذهب بعضهم إلى الشام ولحق أهل بيتين وهم آل أبي الحقيق وآل حيي بخيبر قاله الزرقاني في شرح المواهب .

                                                                      ( فيه ) : أي في المسك وهو خبر مقدم لقوله حليهم ( لسعية ) : بفتح السين المهملة وسكون العين المهملة بعدها تحتية هو عم حيي بن أخطب ( فقتل ابن أبي الحقيق ) : بمهملة وقافين مصغرا وهو رأس يهود خيبر . وفي رواية البخاري ابني أبي الحقيق بتثنية لفظ ابن .

                                                                      قال في النيل : إنما قتلهما لعدم وفائهم بما شرطه عليهم لقوله في أول الحديث فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد ( دعنا ) : أي اتركنا ( ولنا الشطر ) : أي لنا نصف ما يخرج منها ( ثمانين وسقا ) : الوسق ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم . والحديث سكت عنه المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية