الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل وأما الآلة فإن كل ما فرى الأوداج وأنهر الدم فلا بأس به والذكاة صحيحة ، غير أن أصحابنا كرهوا الظفر المنزوع والعظم والقرن والسن لما روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما غير ذلك فلا بأس به ؛ ذكر ذلك في الجامع الصغير . وقال أبو يوسف في الإملاء : " لو أن [ ص: 302 ] رجلا ذبح بليطة ففرى الأوداج وأنهر الدم فلا بأس بذلك ، وكذلك لو ذبح بعود ، وكذلك لو نحر بوتد أو بشظاظ أو بمروة لم يكن بذلك بأس ؛ فأما العظم والسن والظفر فقد نهي أن يذكى بها ، وجاءت في ذلك أحاديث وآثار ، وكذلك القرن عندنا والناب " قال : " ولو أن رجلا ذبح بسنه أو بظفره فهي ميتة لا تؤكل " وقال في الأصل : " إذا ذبح بسن نفسه أو بظفر نفسه فإنه قاتل وليس بذابح " .

وقال مالك بن أنس : " كل ما بضع من عظم أو غيره ففرى الأوداج فلا بأس به " . وقال الثوري : " كل ما فرى الأوداج فهو ذكاة إلا السن والظفر " . وقال الأوزاعي : " لا يذبح بصدف البحر " . وكان الحسن بن صالح يكره الذبح بالقرن والسن والظفر والعظم . وقال الليث : " لا بأس بأن يذبح بكل ما أنهر الدم إلا العظم والسن والظفر " . واستثنى الشافعي الظفر والسن .

قال أبو بكر : الظفر والسن المنهي عن الذبيحة بهما ، إذا كانتا قائمتين في صاحبهما وذلك ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الظفر : إنها مدى الحبشة وهم إنما يذبحون بالظفر القائم في موضعه غير المنزوع . وقال ابن عباس : " ذلك الخنق " .

وعن أبي بشر قال : سألت عكرمة عن الذبيحة بالمروة ، قال : " إذا كانت حديدة لا تثرد الأوداج فكل " فشرط في ذلك أن لا تثرد الأوداج ، وهو أن لا تفريها ، ولكنه يقطعها قطعة قطعة ، والذبح بالظفر والسن غير المنزوع يثرد ولا يفري فلذلك لم تصح الذكاة بهما ، وأما إذا كانا منزوعين ففريا الأوداج فلا بأس ؛ وإنما كره أصحابنا منها ما كان بمنزلة السكين الكالة ، ولهذا المعنى كرهوا الذبح بالقرن والعظم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ما حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا شعبة عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس قال : خصلتان سمعتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا قال غير مسلم : فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته فكانت كراهتهم للذبح بسن منزوع أو عظم أو قرن أو نحو ذلك من جهة كلالة لما يلحق البهيمة من الألم الذي لا يحتاج إليه في صحة الذكاة .

وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن مري بن قطري عن عدي بن حاتم أنه قال : قلت يا رسول الله أرأيت إن أحدنا أصاب صيدا وليس معه سكين أيذبح بالمروة وشقة العصا ؟ قال : أمرر الدم بما شئت واذكر اسم الله .

وفي [ ص: 303 ] حديث نافع عن كعب بن مالك عن أبيه : أن جارية سوداء ذكت شاة بمروة ، فذكر ذلك كعب للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم بأكلها .

وروى سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

وفي حديث رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا إلا ما كان من سن أو ظفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية