الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 607 ] ذكر خبر ثالث يصرح بأن الزجر عن المخابرة والمزارعة اللتين نهى عنهما إنما زجر عنه إذا كان على شرط مجهول

                                                                                                                          5199 - أخبرنا خالد بن النضر بن عمرو القرشي أبو يزيد المعدل بالبصرة قال : حدثنا عبد الواحد بن غياث قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا عبيد الله بن عمر ، فيما يحسب أبو سلمة عن نافع عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم فغلب على الأرض ، والزرع ، والنخل ، فصالحوه على أن يجلوا منها ولهم ما حملت ركابهم ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء ، ويخرجون منها ، فاشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئا ، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عصمة ، فغيبوا مسكا فيه مال وحلي لحيي بن أخطب ، كان احتمله معه إلى خيبر ، حين أجليت النضير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعم حيي : ما فعل مسك حيي الذي جاء به من النضير ؟ فقال : أذهبته النفقات والحروب ، فقال صلى الله عليه وسلم : العهد [ ص: 608 ] قريب والمال أكثر من ذلك ، فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الزبير بن العوام ، فمسه بعذاب ، وقد كان حيي قبل ذلك قد دخل خربة ، فقال : قد رأيت حييا يطوف في خربة هاهنا ، فذهبوا فطافوا ، فوجدوا المسك في خربة فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابني أبي حقيق وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب ، وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءهم وذراريهم ، وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا ، وأراد أن يجليهم منها ، فقالوا : يا محمد دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ، ونقوم عليها ، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها ، فكانوا لا يتفرغون أن يقوموا ، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشيء ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                          وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم كل عام يخرصها عليهم ، ثم يضمنهم الشطر ، قال : فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة خرصه ، وأرادوا أن يرشوه ، فقال : يا أعداء الله ، أتطعموني السحت ، والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي ، ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير ، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم ، فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض .

                                                                                                                          قال : ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيني صفية خضرة ، فقال : يا صفية ما هذه الخضرة ؟ فقالت : كان رأسي في حجر ابن أبي حقيق وأنا نائمة ، فرأيت كأن قمرا وقع في حجري ، فأخبرته بذلك فلطمني ، وقال : [ ص: 609 ] تمنين ملك يثرب ؟ قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبغض الناس إلي ؛ قتل زوجي وأبي وأخي ، فما زال يعتذر إلي ، ويقول : إن أباك ألب علي العرب وفعل وفعل ، حتى ذهب ذلك من نفسي ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقا من تمر كل عام وعشرين وسقا من شعير ، فلما كان زمن عمر بن الخطاب ، غشوا المسلمين ، وألقوا ابن عمر من فوق بيت ، فقال عمر بن الخطاب : من كان له سهم من خيبر فليحضر حتى نقسمها بينهم ، فقسمها عمر بينهم ، فقال رئيسهم : لا تخرجنا دعنا نكون فيها كما أقرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، فقال عمر لرئيسهم : أتراه سقط عني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لك : كيف بك إذا أفضت بك راحلتك نحو الشام يوما ثم يوما ، وقسمها عمر بين من كان شهد خيبر من أهل الحديبية
                                                                                                                          .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية