الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 39 ] وسئل رحمه الله تعالى عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن . قالوا : يا رسول الله كيف إذنها ؟ قال . أن تسكت } متفق عليه .

                وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال . { الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها } وفي رواية : { البكر يستأذنها أبوها في نفسها وصمتها إقرارها } رواه مسلم في صحيحه { وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها أتستأمر أم لا ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم . تستأمر قالت عائشة : فقلت له : فإنها تستحي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك إذنها إذا هي سكتت } { وعن خنساء ابنة خدام أن أباها زوجها وهي بنت فكرهت ذلك فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحه } رواه البخاري .

                التالي السابق


                فأجاب : المرأة لا ينبغي لأحد أن يزوجها إلا بإذنها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم فإن كرهت ذلك لم تجبر على النكاح ; إلا الصغيرة البكر فإن أباها يزوجها ولا إذن لها . وأما البالغ الثيب فلا يجوز تزويجها بغير إذنها [ ص: 40 ] لا للأب ولا لغيره بإجماع المسلمين وكذلك البكر البالغ ليس لغير الأب والجد تزويجها بدون إذنها بإجماع المسلمين .

                فأما الأب والجد فينبغي لهما استئذانها . واختلف العلماء في استئذانها : هل هو واجب ؟ أو مستحب ؟ والصحيح أنه واجب . ويجب على ولي المرأة أن يتقي الله فيمن يزوجها به وينظر في الزوج : هل هو كفؤ أو غير كفؤ ؟ فإنه إنما يزوجها لمصلحتها ; لا لمصلحته ; وليس له أن يزوجها بزوج ناقص ; لغرض له : مثل أن يتزوج مولية ذلك الزوج بدلها فيكون من جنس الشغار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم أو يزوجها بأقوام يحالفهم على أغراض له فاسدة . أو يزوجها لرجل لمال يبذله له وقد خطبها من هو أصلح لها من ذلك الزوج فيقدم الخاطب الذي برطله على الخاطب الكفؤ الذي لم والآمدي . وأصل ذلك أن تصرف الولي في بضع وليته كتصرفه في مالها فكما لا يتصرف في مالها إلا بما هو أصلح كذلك لا يتصرف في بضعها إلا بما هو أصلح لها ; إلا أن الأب له من التبسط في مال ولده ما ليس لغيره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { أنت ومالك لأبيك } بخلاف غير الأب .




                الخدمات العلمية