الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 100 ] وقوله : ولا تهنوا في ابتغاء القوم ؛ هذا خطاب للمؤمنين؛ والقوم ههنا : الكفار الذين هم حرب المؤمنين؛ وتأويل : " لا تهنوا " ؛ في اللغة : لا تضعفوا؛ يقال : " وهن الرجل؛ يهن " ؛ إذا ضعف؛ فهو " وهن " ؛ ومعنى " ابتغاء القوم " : طلب القوم بالحرب؛ وقوله : إن تكونوا تألمون فإنهم ؛ أي : إن تكونوا توجعون؛ فإنهم يجدون من الوجع بما ينالهم من الجراح والتعب كما تجدون؛ وأنتم مع ذلك وترجون من الله ما لا يرجون ؛ أي : أنتم ترجون النصر الذي وعدكم الله به؛ وإظهار دينكم على سائر أديان أهل الملل المخالفة لأهل الإسلام؛ وترجون مع ذلك الجنة؛ وهم - أعني المشركين - يرجون الجنة؛ لأنهم كانوا غير مقرين بالبعث؛ فأنتم ترجون من الله ما لا يرجون؛ قال بعض أهل التفسير : معنى " ترجون " ؛ ههنا : تخافون؛ وأجمع أهل اللغة الموثوق بعلمهم أن الرجاء ههنا على معنى الأمل؛ لا على تصريح الخوف؛ وقال بعضهم : الرجاء لا يكون بمعنى الخوف إلا مع الجحد؛ قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        لا ترتجي حين تلاقي الذائدا ... أسبعة لاقت معا أم واحدا



                                                                                                                                                                                                                                        معناه : لا تخاف؛ وكذلك قوله - عز وجل - : ما لكم لا ترجون لله وقارا ؛ أي : لا تخافون لله عظمة؛ ولا عظة؛ وإنما اشتمل الرجاء على معنى الخوف؛ لأن الرجاء أمل قد يخاف ألا يتم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية