الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 50 ] وسئل رحمه الله تعالى عن رجل تزوج يتيمة صغيرة وعقد عقدها الشافعي المذهب ولم تدرك إلا بعد العقد بشهرين : فهل هذا العقد جائز أم لا ؟

                التالي السابق


                فأجاب : أما " اليتيمة " التي لم تبلغ قبل لا يجبرها على تزويجها غير الأب . والجد . والأخ والعم والسلطان الذي هو الحاكم أو نواب الحاكم في العقود : للفقهاء في ذلك ثلاثة أقوال . " أحدها " لا يجوز وهو قول الشافعي ومالك ; والإمام أحمد في رواية . " والثاني " يجوز النكاح بلا إذنها ولها الخيار إذا بلغت ; وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد .

                و " الثالث " أنها تزوج بإذنها ; ولا خيار لها إذا بلغت . وهذا هو المشهور من مذهب أحمد . فهذه التي لم تبلغ يجوز نكاحها في مذهب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما .

                ولو زوجها حاكم يرى ذلك : فهل يكون في تزويجه [ ص: 51 ] حكما لا يمكن نقضه ؟ أو يفتقر إلى حاكم غيره يحكم بصحة ذلك ؟ على وجهين في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما : أصحهما الأول .

                لكن الحاكم المزوج هنا شافعي فإن كان قد قلد قول من يصحح هذا النكاح وراعى سائر شروطه وكان ممن له ذلك : جاز .

                وإن كان قد أقدم على ما يعتقد تحريمه كان فعله غير جائز .

                وإن كان قد ظنها بالغا فزوجها فكانت غير بالغ لم يكن في الحقيقة قد زوجها ; ولا يكون النكاح صحيحا . والله أعلم .




                الخدمات العلمية