الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن حلف ليقضينه حقه في غد فأبرأه اليوم وقيل : مطلقا [ ص: 392 ] فقيل : كمسألة التلف ، وقيل : لا يحنث ، في الأصح ( م 41 ) وفي الترغيب : أصلهما إذا امتنع من الإيفاء في الغد كرها لا يحنث ، على الأصح ، وأطلق في التبصرة فيهما الخلاف ، وكذا إن مات ربه فقضي لورثته ( م 42 ) وإن أخذ عنه عوضا لم يحنث ، في الأصح ، وإن منع منه فالروايتان ، وهما في المذهب إن أكره ، وإن قال : عند رأس الهلال ، فعند غروب شمس آخره ، ولو تأخر فراغ كيله لكثرته ، ذكره الشيخ ، ويحنث بعد من أمكنه . وفي الترغيب : لا تعتبر المقارنة ، فتكفي حالة الغروب ، وإن قضاه بعده حنث . وإن حلف لا أخذت حقك مني فأكره على دفعه حنث ، وإن أكره قابضه فالخلاف . وإن وضعه الحالف بين يديه أو في [ ص: 393 ] حجره فلم يأخذه لم يحنث ، لأنه لم يضمن بمثل هذا مال ولا صيد . ويحنث لو كانت يمينه لا أعطيكه ، لأنه يعد عطاء إذ هو تمكين وتسليم بحق فهو كتسليم ثمن ، ومثمن ، وأجرة وزكاة ، وإن أخذه حاكم فدفعه إلى الغريم فأخذه حنث ، نص عليه ، كقوله : لا تأخذ حقك علي ، وعند القاضي : لا ، كقوله : لا أعطيكه . وإن حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي منك فهرب منه حنث ، نص عليه ، ذكره ابن الجوزي ظاهر المذهب ، كإذنه وكقوله : لا افترقنا . وعنه : لا ، اختاره الخرقي ، قاله القاضي ، وقدمه في الترغيب . وقيل : إن أذن له أو لم يلازمه وأمكنه حنث ، وإلا فلا ، جزم به في الكافي ، ومعناه في المستوعب ، واختاره في المحرر والمغني ، وجعله مفهوم كلام الخرقي . وإن ألزمه حاكم بفراقه لفلسه . وقيل : أو لم يلزمه ، فكمكره وقدر الفراق ما عد فراقا عرفا ، كبيع . وفعل وكيله كهو ، نص عليه . قال في الانتصار وغيره : إن الشرع أقام أقوال الوكيل وأفعاله مقام الموكل في العقود وغيرها : قال في الترغيب : فلو حلف لا يكلم من اشتراه أو تزوجه زيد حنث بفعل وكيله ، نقل ابن الحكم : إن حلف لا يبيعه شيئا فباع ممن يعلم أنه يشتريه للذي حلف عليه ، حنث . ذكره ابن أبي موسى ، وإن حلف لا يفعله فوكل وعادته فعله بنفسه لا يحنث ، وفي المفردات إن حلف ليفعلنه فوكل وعادته فعله بنفسه حنث وإلا فلا . ولو توكل الحالف في العقد فإن [ ص: 394 ] أضافه إلى موكله لم يحنث ، ولا بد في النكاح من الإضافة . وإن أطلق فوجهان ( م 43 ) .

                                                                                                          [ ص: 392 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 392 ] مسألة 41 ) قوله " وإن وقيل : مطلقا - فقيل كمسألة التلف ، وقيل : لا يحنث ، في الأصح ، " انتهى .

                                                                                                          ( الطريقة الأولى ) طريقة الشيخ في المغني والشارح وغيرهما .

                                                                                                          وقال في الهداية والمستوعب بعد أن أطلق الوجهين في الحنث وعدمه بناء على ما إذا أكره ومنع من القضاء في غد هل يحنث ؟ على روايتين ، انتهى .

                                                                                                          وأطلق الوجهين في الحنث وعدمه في مسألة المصنف في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع وشرح ابن منجى والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم

                                                                                                          ( أحدهما ) لا يحنث ، وهو الصحيح ، صححه في التصحيح ، وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره ، وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم ، وقدمه في المحرر والنظم .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) يحنث .

                                                                                                          ( مسألة 42 ) قوله : " وكذا إن مات ربه فقضي لورثته " ، انتهى .

                                                                                                          وأطلقهما في المذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم .

                                                                                                          ( أحدهما ) لا يحنث ، وهو الصحيح ، اختاره أبو الخطاب ، وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره ، وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم ، وقدمه في الهداية والمستوعب والمقنع والمحرر والشرح والنظم وغيرهم .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) يحنث ، اختاره القاضي .

                                                                                                          [ ص: 393 ] تنبيه )

                                                                                                          قوله : " إن حلف ليفعلنه فوكل وعادته فعله بنفسه حنث " صوابه " لم يبرأ " ولا يقال " حنث " . قاله ابن نصر الله . [ ص: 394 ]

                                                                                                          ( مسألة 43 ) قوله : " ولو توكل الحالف في العقد فإن أضافه إلى موكله لم يحنث ، ولا بد في النكاح من الإضافة ، وإن أطلق فوجهان " انتهى .

                                                                                                          وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير .

                                                                                                          ( أحدهما ) لا يحنث ، وهو الصواب .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) يحنث لعدم إضافته إلى موكله .

                                                                                                          فهذه ثلاث وأربعون مسألة في هذا الباب




                                                                                                          الخدمات العلمية