الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المراد بصاحب العلم في الحديث

والمراد بصاحب العلم في هذا الحديث: من هو عامل بعلمه، لا من علم وعلم للدنيا لغير وجهه سبحانه؛ فإنه ليس من العلم في شيء، بل علمه ذلك جهل، له وبال عليه، كما في حديث آخر عن ابن مسعود موقوفا، قال: لو أن أهل العلم صانوا العلم، لسادوا به أهل زمانهم، ولكنهم بذلوه لأهل الدنيا؛ لينالوا به من دنياهم، فهانوا عليهم. سمعت نبيكم -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من جعل الهموم هما واحدا، هم آخرته، كفاه الله تعالى هم دنياه، ومن تشعب به الهموم أحوال الدنيا، لم يبال الله في أي أوديتها هلك» رواه ابن ماجه، ورواه البيهقي في «شعب الإيمان» عن ابن عمر، من قوله: من جعل الهموم... إلى آخره.

ويؤيد هذا ما ورد عن سفيان: أن عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار: من أرباب العلم؟ قال: الذين يعملون بما يعلمون. قال: فما أخرج العلم عن قلوب العلماء؟ قال: «الطمع» رواه الدارمي.

وفيه: أن حب المال يصير العالم من الجهال، ويخرجه من أسماء الرجال.

وفي حديث الأحوص بن حكيم يرفعه: «ألا إن شر الشر، شرار العلماء، وإن خير الخير، خيار العلماء» أخرجه الدارمي.

وفي حديث أبي الدرداء، قال: من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه. رواه الدارمي.

وهذا في حق العلماء، فما ظنك بالفضلاء؟! [ ص: 218 ] وفي خبر زياد بن حدير، قال: قال لي عمر: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قال: [قلت]: لا، قال: يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين. رواه الدارمي.

وعن الحسن، قال: العلم علمان: 1- فعلم في القلب، فذلك العلم النافع 2- وعلم على اللسان، فذلك حجة الله -عز وجل- على ابن آدم. أخرجه الدارمي.

ومن هنا قيل: إن للجاهل ويلا واحدا، والعالم سبعون ويلا؛ لأنه ضل على بصيرة.

قال الشيخ المحقق العارف أحمد بن عطاء الله الإسكندري في كتاب «الحكم»: العلم النافع: هو الذي يبسط في الصدر شعاعه، ويكشف عن القلب قناعه.

ولأهل العلم في بيان العلم النافع والضار أقوال، أرجحها: أنه علم القرآن والحديث، وما يتوصل به إليه، والضار: ما لم يرد به شرع، ولا يفيد في الدين شيئا، بل يوقع الشكوك والشبهات؛ كعلوم الأوائل من الفلسفة، وفنون الأواخر من المقلدة. اللهم غفرا وصونا عما لا ترضاه.

التالي السابق


الخدمات العلمية