الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      حتى : للغاية ك [ إلى ] وهي عاطفة وجارة ، وفيها مذاهب :

                                                      [ ص: 224 ] أحدها : أن ما بعدها غير داخل في حكم ما قبلها في جميع الأحوال ، وعزي لأكثر النحويين منهم ابن جني . قال أبو جعفر بن النحاس ، في كتاب الكافي " : اعلم أن حتى فيها معنى الغاية ، وإن عطفت بها ، ولهذا وجب أن تكون لإخراج شيء من شيء . انتهى . يريد أن العاطفة لا تخرج عن معنى الغاية نظرا إلى أن المعطوف يجب أن يكون جزءا من المعطوف عليه ، وهذا الحكم تقتضيه " حتى " من جهة كونها للغاية ، لا من جهة كونها للعطف ، فإن الأصل في العطف المغايرة .

                                                      والثاني : أنه داخل سواء الجارة والعاطفة ، وبه جزم الجرجاني في المقتصد " وغيره ، وسنذكر عبارته ، وتابعه صاحب المفصل " وذلك ; لأن الفرض أن يقتضي الشيء الذي يتعلق به شيئا فشيئا حتى يأتي الفعل على ذلك الشيء كله ، فلو انقطع الأكل عند الرأس لا يكون فعل الآكل آتيا على السمكة كلها ، ولهذا امتنع أكلت السمكة حتى نصفها . واستثنى بعض القائلين بهذا ما إذا دلت قرينة على خروجه ، كصمت الأيام حتى يوم الفطر بنصب اليوم وجره . والثالث : إن كان ما بعدها بعضا لما قبلها دخل ، نحو سبقني الناس حتى العبيد ، وإلا فلا ، نحو قرأت القرآن حتى الصباح ، وهو قول المبرد

                                                      [ ص: 225 ] في المقتضب " والفراء في المعاني " وابن الوراق في الفصول " وقال بعضهم : الجارة يأتي فيها الخلاف الذي في " إلى " كقوله تعالى : { حتى مطلع الفجر } وإذا لم يكن معها قرينة تقتضي دخول ما بعدها فيما قبلها أو عدم دخوله حملت على الدخول ، بخلاف " إلى " فإنها تحمل على عدم الدخول حملا على الغالب في البابين . وأما إذا كانت عاطفة فما بعدها داخل فيما قبلها قطعا ; لأنها بمنزلة الواو ; لأنه جزء مما قبلها جيء به لتعظيمه أو لتحقيره . وزعم القرافي أنه لا خلاف في وجوب دخول ما بعد " حتى " وهو محمول على العاطفة كما قاله القرطبي في أصوله " لا الخافضة فإن الخلاف فيها مشهور . وقال الكسائي : " حتى " مع الجثث بمعنى " مع " ومع المصادر وظروف الزمان بمعنى " إلى " تقول : انتظرتك حتى الليل وحتى قدوم عمرو بمعنى " إلى " فيهما ، ونحو بعتك الدار حتى بابها أي : مع ، وكلمت ، القوم حتى زيد أي : مع .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية