الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6081 ) فصل : إذا انقطع حيض المرأة في المرة الثالثة ، ولما تغتسل ، فهل تنقضي عدتها بطهرها ؟ فيه روايتان ، ذكرهما ابن حامد ; إحداهما ، لا تنقضي عدتها حتى تغتسل ، ولزوجها رجعتها في ذلك . وهذا ظاهر كلام الخرقي ، فإنه قال في العدة : فإذا اغتسلت من الحيضة الثالثة ، أبيحت للأزواج . وهذا قول كثير من أصحابنا ، وروي ذلك عن عمر [ ص: 402 ] وعلي ، وابن مسعود ، وسعيد بن المسيب ، والثوري ، وأبي عبيد وروي نحوه عن أبي بكر الصديق ، وأبي موسى ، وعبادة ، وأبي الدرداء وروي عن شريك : له الرجعة وإن فرطت في الغسل عشرين سنة .

                                                                                                                                            ووجه هذا قول من سمينا من الصحابة ، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم ، فيكون إجماعا ، ولأن أكثر أحكام الحيض لا تزول إلا بالغسل ، وكذلك هذا . والرواية الثانية ، أن العدة تنقضي بمجرد الطهر قبل الغسل . وهو قول طاوس ، وسعيد بن جبير ، والأوزاعي . واختاره أبو الخطاب ; لقوله تعالى : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } . والقرء : الحيض . وقد زالت ، فيزول التربص . وفيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : وقرء الأمة حيضتان . وقال : دعي الصلاة أيام أقرائك } . يعني أيام حيضك .

                                                                                                                                            ولأن انقضاء العدة تتعلق به بينونتها من الزوج ، وحلها لغيره ، فلم يتعلق بفعل اختياري من جهة المرأة بغير تعليق الزوج ، كالطلاق وسائر العدد ، ولأنها لو تركت الغسل اختيارا أو لجنون أو نحوه ، لم تحل ; أما أن يقال بقول شريك ، أنها تبقى معتدة ولو بقيت عشرين سنة . وذلك خلاف قول الله : { ثلاثة قروء } . فإنها تصير عدتها أكثر من مائتي قرء . أو يقال : تنقضي العدة قبل الغسل ، فيكون رجوعا عن قولهم ويحمل قول الصحابة في قولهم : حتى تغتسل . أي : يلزمها الغسل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية