الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6092 ) فصل : وإن اختلفا في الإصابة فقال : قد أصبتك ، فلي رجعتك . فأنكرته ، أو قالت : قد أصابني ، فلي المهر كاملا . فالقول قول المنكر منهما ; لأن الأصل معه ، فلا يزول إلا بيقين ، وليس له رجعتها في الموضعين ; لأنه أنكر الإصابة ، فهو يقر على نفسه ببينونتها ، وأنه لا رجعة له عليها . وإن أنكرتها هي ، فالقول قولها ، ولا تستحق إلا نصف المهر في الموضعين ; لأنها إن أنكرتها ، فهي مقرة أنها لا تستحق إلا نصف المهر ، وإن أنكرها ، فالقول قوله . هذا إن كان غير مقبوض ، فإن كان اختلافهما بعد قبضها له وادعى إصابتها فأنكرته ، لم يرجع عليها بشيء ; لأنه يقر لها به ولا يدعيه . وإن كان هو المنكر ، رجع عليها بنصفه . وبهذا قال الشافعي ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            فإن قيل : فلم قبلتم قول المولي والعنين في الإصابة ، ولم تقبلوه هاهنا ؟ قلنا : لأن المولي والعنين يدعيان ما يبقي النكاح على الصحة ، ويمنع فسخه ، والأصل صحة العقد وسلامته ، فكان قولهما موافقا للأصل ، فقبل ، وفي مسألتنا قد وقع ما يرفع النكاح ويزيله ، وهو ما والى بينونة ، وقد اختلفا فيما يرفع حكم الطلاق ويثبت له الرجعة ، والأصل عدم ذلك ، فكان قوله مخالفا للأصل ، فلم يقبل ، ولأن المولي والعنين يدعيان الإصابة في موضع تحققت فيه الخلوة والتمكين من الوطء ، لأنه لو لم يوجد ذلك لما استحقتا الفسخ بعدم الوطء ، فكان الاختلاف فيما يختص به ، وفي مسألتنا لم تتحقق خلوة ولا تمكين ، لأنه لو تحقق ذلك لوجب المهر كاملا ، فكان الاختلاف في أمر ظاهر لا يختص به ، فلم يقبل فيه قول مدعيه إلا ببينة . وهل يشرع اليمين في حق من القول قوله هاهنا ؟ على وجهين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية