الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      صفحة جزء
      ومن ذلك التصريح بنزوله - تبارك وتعالى - كما في الصحيحين ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ وقد ثبت في ذلك أحاديث كثيرة عن نحو ثلاثين صحابيا ، وقد ثبت أيضا نزوله - تعالى - ليلة النصف من شعبان ، وعشية عرفة ، وعند فناء الخلق ، حين ينزل إلى السماء الدنيا فينادي : لمن الملك اليوم ؟ لله الواحد [ ص: 167 ] القهار ، وكذا نزوله - تعالى - لفصل القضاء بين عباده كما يشاء ، وعلى ما يليق بجلاله وعظمته ، وسيأتي إن شاء الله - تعالى - بسط ذلك كله في آخر هذا الفصل من المتن .

      ومن ذلك تنزل الملائكة ، ونزول الأمر من عنده ، وتنزيل الكتاب منه تبارك وتعالى ، قال الله عز وجل : (ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده ) ، ( النحل : 2 ) ، وقال حكاية عنهم : ( وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك ) ، ( مريم : 64 ) ، وقال تعالى : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ) ، ( السجدة : 5 ) الآية ، وقال تعالى : ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن ) ، ( الطلاق : 12 ) ، وقال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ) ، ( النساء : 136 ) ، وقال تعالى : ( نزل عليك الكتاب بالحق ) ، ( آل عمران 3 ) ، ( كتاب أنزلناه إليك ) ، ( إبراهيم : 1 ) ، ( وهذا ذكر مبارك أنزلناه ) ، ( الأنبياء : 50 ) ، ( تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ) ، ( السجدة : 2 ) ، ( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ) ، ( الزمر : 1 ) ، ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ) ، ( الزمر : 2 ) ، ( تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم ) ، ( غافر : 2 ) ، ( تنزيل من الرحمن الرحيم ) ، ( فصلت : 2 ) ، ( تنزيل من حكيم حميد ) ، ( فصلت : 42 ) ، ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ) ، ( الإسراء : 106 ) ، ( وإنه لتنزيل رب العالمين ) ، ( الشعراء : 192 ) ، ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ) ، ( الشعراء : 193 ) ، وغير ذلك من الآيات .

      وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما : بلغ أبا ذر مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لأخيه : اعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من [ ص: 168 ] السماء . وقد تقدم في حديث الذهيبة قوله صلى الله عليه وسلم : يأتيني خبر السماء صباحا ومساء . وفي الصحيح قال المغيرة رضي الله عنه : أخبرنا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - عن رسالة ربنا - تبارك وتعالى - أنه من قتل منا ، صار إلى الجنة . وفيه قالت عائشة - رضي الله عنها : من حدثك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئا من الوحي ، فلا تصدقه ، إن الله - تعالى - يقول : ( ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) ، وفيه من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال رجل : يا رسول الله ، أي الذنب أعظم ؟ وذكر الحديث إلى أن قال : فأنزل الله تصديقها : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) الآيات ، وغير ذلك من نصوص الكتاب والسنة .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية