الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6109 ) فصل : وإن قال : والله لا وطئتك إلا برضاك . لم يكن موليا ; لأنه يمكنه وطؤها بغير حنث ، ولأنه محسن في كونه ألزم نفسه اجتناب سخطها . وعلى قياس ذلك كل حال يمكنه الوطء فيها بغير حنث ، كقوله : والله لا وطئتك مكرهة ، أو محزونة . ونحو ذلك فإنه لا يكون موليا . وإن قال : والله لا وطئتك مريضة . لم يكن موليا لذلك ، إلا أن يكون بها مرض لا يرجى برؤه ، أو لا يزول في أربعة أشهر ، فينبغي أن يكون موليا ; لأنه حالف على ترك وطئها أربعة أشهر . فإن قال ذلك لها وهي صحيحة ، فمرضت مرضا يمكن برؤه قبل أربعة أشهر ، لم يصر موليا ، وإن لم يرج برؤه فيها ، صار موليا .

                                                                                                                                            وكذلك إن كان الغالب أنه لا يزول في أربعة أشهر ، صار موليا ; لأن ذلك بمنزلة ما لا يرجى زواله . وإن قال : والله لا وطئتك حائضا . ولا نفساء ، ولا محرمة ، ولا صائمة . ونحو هذا ، لم يكن موليا ; لأن ذلك محرم ممنوع منه شرعا ، فقد أكد منع نفسه منه بيمينه . وإن قال : والله لا وطئتك طاهرا . أو : لا وطئتك وطئا مباحا . صار موليا ; لأنه حالف على ترك الوطء الذي يطالب به في الفيئة ، فكان موليا ، كما لو قال : والله لا وطئتك في قبلك . وإن قال : والله لا وطئتك ليلا . أو : والله لا وطئتك نهارا . لم يكن موليا ; لأن الوطء يمكن بدون الحنث .

                                                                                                                                            وإن قال : والله لا وطئتك في هذه البلدة . أو : في هذا البيت . أو نحو ذلك من الأمكنة المعينة ، لم يكن موليا . وهذا قول الثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، والنعمان ، وصاحبيه . وقال ابن أبي ليلى ، وإسحاق : هو مول ; لأنه حالف على ترك وطئها . ولنا أنه يمكن وطؤها بغير حنث ، فلم يكن موليا ، كما لو استثنى في يمينه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية