الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6112 ) فصل : فإن قال : والله لا وطئتك . فهو إيلاء ; لأنه قول يقتضي التأبيد . وإن قال : والله لا وطئتك مدة . أو : ليطولن تركي لجماعك . ونوى مدة تزيد على أكثر من أربعة أشهر ، فهو إيلاء ; لأن اللفظ يحتمله ، فانصرف إليه بنيته . وإن نوى مدة قصيرة ، لم يكن إيلاء لذلك . وإن لم ينو شيئا ، لم يكن إيلاء ; لأنه يقع على القليل والكثير ، فلا يتعين للكثير .

                                                                                                                                            فإن قال : والله لا وطئتك أربعة أشهر ، فإذا مضت ، فوالله لا وطئتك أربعة أشهر . أو : فإذا مضت ، فوالله لا وطئتك شهرين . أو : لا وطئتك شهرين ، فإذا مضت ، فوالله لا وطئتك أربعة أشهر . ففيه وجهان أحدهما : ليس بمول ; لأنه حالف بكل يمين على مدة ناقصة عن مدة الإيلاء ، فلم يكن موليا ، كما لو لم ينو إلا مدتها ، ولأنه يمكنه الوطء بالنسبة إلى كل يمين عقيب مدتها من غير حنث فيها ، فأشبه ما لو اقتصر عليها [ ص: 420 ] والثاني ، يصير موليا ; لأنه منع نفسه من الوطء بيمينه أكثر من أربعة أشهر متوالية ، فكان موليا ، كما لو منعها بيمين واحدة ، ولأنه لا يمكنه الوطء بعد المدة إلا بحنث في يمينه ، فأشبه ما لو حلف على ذلك بيمين واحدة ، ولو لم يكن هذا إيلاء ، أفضى إلى أن يمنع من الوطء طول دهره باليمين ، فلا يكون موليا .

                                                                                                                                            وهكذا الحكم في كل مدتين متواليتين يزيد مجموعهما على أربعة ، كثلاثة أشهر وثلاثة ، أو ثلاثة وشهرين ، لما ذكرنا من التعليلين . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية