الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عثن ]

                                                          عثن : العثان والعثن : الدخان والجمع عواثن على غير قياس ، وكذلك جمع الدخان دواخن ، والعواثن والدواخن لا يعرف لهما نظير وقد عثن يعثن عثنا وعثانا ، وفي حديث الهجرة وسراقة بن مالك : أنه طلب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر حين خرجا مهاجرين ، فلما بصر به دعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فساخت قوائم فرسه في الأرض فسألهما أن يخليا عنه فخرجت قوائمها ولها عثان ، قال ابن الأثير : أي دخان ، قال الأزهري : وقال أبو عبيد العثان أصله الدخان ، وأراد بالعثان هاهنا الغبار شبهه بالدخان ، قال : كذلك قال أبو عمرو بن العلاء قال الجوهري : وربما سموا الغبار عثانا ، وعثنت النار تعثن بالضم عثانا وعثونا وعثنت إذا دخنت ، وعثن الشيء : دخنه بريح الدخنة ، وعثن هو : عبق ، وطعام معثون وعثن ومدخون [ ص: 37 ] ودخن إذا فسد لدخان خالطه ، ويقال للرجل إذا استوقد بحطب رديء ذي دخان : لا تعثن علينا ، وعثن في الجبل يعثن عثنا : صعد مثل عفن أنشد يعقوب :


                                                          حلفت بمن أرسى ثبيرا مكانه أزوركم ما دام للطود عاثن



                                                          يريد : لا أزوركم ما دام للجبل صاعد فيه ، وروي : ما دام للطود عافن ، يقال : عثن وعفن بمعنى ، قال يعقوب : هو على البدل ، وعثنت ثوبي بالبخور تعثينا ، والعثنون من اللحية : ما نبت على الذقن وتحته سفلا ، وقيل : هو كل ما فضل من اللحية بعد العارضين من باطنهما ، ويقال لما ظهر منها السبلة ، وقد يجمع بين السبلة والعثنون فيقال لهما عثنون وسبلة ، وقيل : اللحية كلها ، وقيل : عثنون اللحية طولها وما تحتها من شعرها عن كراع ، قال ابن سيده : ولا يعجبني ، وقيل : عثنون اللحية طرفها ، ورجل معثن : ضخم العثنون ، وفي الحديث : وفروا العثانين هي جمع عثنون ، وهو اللحية ، والعثنون : شعيرات عند مذبح البعير والتيس ، ويقال للبعير ذو عثانين على قوله :


                                                          قال العواذل : ما لجهلك بعدما     شاب المفارق واكتسين قتيرا ؟



                                                          والعثنون : شعيرات طوال تحت حنك البعير ، يقال : بعير ذو عثانين كما قالوا لمفرق الرأس مفارق ، أبو زيد : العثانين المطر بين السحاب والأرض مثل السبل ، واحدها عثنون وعثنون السحاب : ما وقع على الأرض منها قال :


                                                          بتنا نراقبه وبات يلفنا     عند السنام مقدما عثنونا



                                                          يصف سحابا ، وعثانين السحاب : ما تدلى من هيدبها ، وعثنون الريح : هيدبها إذا أقبلت تجر الغبار جرا ، قالأبو حنيفة : وعثنون الريح والمطر أولهما وعثانينها أوائلها ، ومنه قول جران العود :

                                                          وبالخط نضاح العثانين واسع ويقال : عثنت المرأة بدخنتها إذا استجمرت ، وعثنت الثوب بالطيب إذا دخنته عليه حتى عبق به ، وفي الحديث : أن مسيلمة لما أراد الإعراس بسجاح قال عثنوا لها ، أي : بخروا لها البخور ، والعثن : الصنم الصغير والوثن الكبير ، والجماعة الأعثان والأوثان ، وعثن فلان تعثينا ، أي : خلط وأثار الفساد ، وقال أبو تراب : سمعت زائدة البكري يقول : العرب تدعو ألوان الصوف العهن غير بني جعفر فإنهم يدعونه العثن بالثاء ، قال : وسمعت مدرك بن غزوان الجعفري وأخاه يقولان : العثن ضرب من الخوصة يرعاه المال إذا كان رطبا فإذا يبس لم ينفع وقال مبتكر : هي العهنة ، وهي شجرة غبراء ذات زهر أحمر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية