ولما كان الرسل كلهم جميعا كالفرد الواحد لاتفاق مقاصدهم في الدعاء إلى الله والحمل على طاعته، قال مستأنفا مسببا عن مجيئهم بذلك موحدا في اللفظ ما هو صالح للكثير بإرادة الجنس:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30525_30539_30549_31916_33955_34513_29040nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=10فعصوا أي خالفوا ونابذوا
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=10رسول ربهم أي خالفت كل أمة من أرسله المحسن إليها بإبداعها من العدم وإيداعها القوى وترزيقها وبعث رسولها لإرشادها اغترارا بإحسانه ولم يجوزوا أن المحسن يقدر على الضر كما قدر على النفع، لأنه الضار كما أنه النافع فللتنبيه على مثل ذلك لا يجوز نقل أحد الاسمين عن الآخر، وسبب عن العصيان قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=10فأخذهم أي ربهم أخذ قهر وغضب
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=10أخذة لم يبق من أمة منهم أحدا ممن كذب الرسول فلم يكن كمن ينصر على عدو من الآدميين لا بد من أن يفوته كثير منهم وإن اجتهد في الطلب، وما ذاك إلا لتمام علمه
[ ص: 349 ] سبحانه وتعالى بالجزئيات والكليات، وشمول قدرته، وتلك الأخذة - مع كونها [ بهذه -] العظمة من أنها أخذتهم كنفس واحدة - جعلها سبحانه
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=10رابية أي عالية عليهم علية القدر في قوة البطش وشدة الفتك زائدة على الحد نامية بقدر زيادة أعمالهم في القبح، والربا: النمو، وأصله الزيادة، فأغرق
فرعون وجنوده، وأغرق كل من كذب
نوحا عليه السلام، وهم كل أهل الأرض غير من ركب معه في السفينة، وحمل مدائن
لوط عليه السلام بعد أن نتقها من الأرض على متن الريح بواسطة من أمره بذلك من الملائكة ثم قلبها وأتبعها الحجارة وخسف بها وغمرها بالماء المنتن الذي ليس في الأرض ما يشبهه.
وَلَمَّا كَانَ الرُّسُلُ كُلُّهُمْ جَمِيعًا كَالْفَرْدِ الْوَاحِدِ لِاتِّفَاقِ مَقَاصِدِهِمْ فِي الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ وَالْحَمْلِ عَلَى طَاعَتِهِ، قَالَ مُسْتَأْنِفًا مُسَبِّبًا عَنْ مَجِيئِهِمْ بِذَلِكَ مُوَحِّدًا فِي اللَّفْظِ مَا هُوَ صَالِحٌ لِلْكَثِيرِ بِإِرَادَةِ الْجِنْسِ:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30525_30539_30549_31916_33955_34513_29040nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=10فَعَصَوْا أَيْ خَالَفُوا وَنَابَذُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=10رَسُولَ رَبِّهِمْ أَيْ خَالَفَتْ كُلُّ أُمَّةٍ مَنْ أَرْسَلَهُ الْمُحْسِنُ إِلَيْهَا بِإِبْدَاعِهَا مِنَ الْعَدَمِ وَإِيدَاعِهَا الْقُوَى وَتَرْزِيقِهَا وَبَعَثِ رَسُولِهَا لِإِرْشَادِهَا اغْتِرَارًا بِإِحْسَانِهِ وَلَمْ يُجَوِّزُوا أَنَّ الْمُحْسِنَ يَقْدِرُ عَلَى الضُّرِّ كَمَا قَدَرَ عَلَى النَّفْعِ، لِأَنَّهُ الضَّارُّ كَمَا أَنَّهُ النَّافِعُ فَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ نَقْلُ أَحَدِ الِاسْمَيْنِ عَنِ الْآخَرِ، وَسَبَّبَ عَنِ الْعِصْيَانِ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=10فَأَخَذَهُمْ أَيْ رَبُّهُمْ أَخْذَ قَهْرٍ وَغَضَبٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=10أَخْذَةً لَمْ يَبْقَ مِنْ أُمَّةٍ مِنْهُمْ أَحَدًا مِمَّنْ كَذَّبَ الرَّسُولَ فَلَمْ يَكُنْ كَمَنْ يَنْصُرُ عَلَى عَدْوٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُفَوِّتَهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَإِنِ اجْتَهَدَ فِي الطَّلَبِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِتَمَامِ عِلْمِهِ
[ ص: 349 ] سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْجُزْئِيَّاتِ وَالْكُلِّيَّاتِ، وَشُمُولِ قُدْرَتِهِ، وَتِلْكَ الْأَخْذَةُ - مَعَ كَوْنِهَا [ بِهَذِهِ -] الْعَظَمَةِ مِنْ أَنَّهَا أَخَذَتْهُمْ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ - جَعَلَهَا سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=10رَابِيَةً أَيْ عَالِيَةً عَلَيْهِمْ عِلْيَةُ الْقَدْرِ فِي قُوَّةِ الْبَطْشِ وَشِدَّةِ الْفَتْكِ زَائِدَةً عَلَى الْحَدِّ نَامِيَةً بِقَدْرِ زِيَادَةِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْقُبْحِ، وَالرِّبَا: النُّمُوُّ، وَأَصْلُهُ الزِّيَادَةُ، فَأَغْرَقَ
فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ، وَأَغْرَقَ كُلَّ مَنْ كَذَّبَ
نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُمْ كُلُّ أَهْلِ الْأَرْضِ غَيْرِ مَنْ رَكِبَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ، وَحَمَلَ مَدَائِنَ
لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ أَنْ نَتَقَهَا مِنَ الْأَرْضِ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ بِوَاسِطَةٍ مِنْ أَمْرِهِ بِذَلِكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ قَلَبَهَا وَأَتْبَعَهَا الْحِجَارَةَ وَخَسَفَ بِهَا وَغَمَرَهَا بِالْمَاءِ الْمُنْتِنِ الَّذِي لَيْسَ فِي الْأَرْضِ مَا يُشْبِهُهُ.