ولما كان ربما وقع في وهم التعجب من وجود
فرعون ومن بعده من الإخبار بأخذ من قبله على قراءة الجماعة مع أن "من" [ من -] صيغ العموم، أشار إلى [ أنه أهلك -] جميع المخالفين وأنجى جميع الموافقين، قال جوابا لذلك السؤال مؤكدا لأجل من يتعنت ولأن ذلك كان مما يتعجب منه ويتلذذ بذكره:
nindex.php?page=treesubj&link=29676_31836_29040nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11إنا أي
[ ص: 350 ] على قدرتنا وعظمتنا وإحاطتنا
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11لما طغى الماء أي فزاد عن الحد حتى علا على أعلى جبل في الأرض بقدر ما يغرق من كان عليه حين أغرقنا قوم
نوح عليه السلام [ به -] فلم يطيقوا ضبطه ولا قاووه بوجه من الوجوه، ولا وفقوا لركوب السفينة، فكان خروجه عن العادة رادا على أهل الطبائع.
ولما كان الإيجاد نعمة فكان إنجاء آبائهم من الغرق حتى كان ذلك سببا لوجودهم نقمة عليهم قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11حملناكم أي في ظهور آبائكم بعظمتنا ومشيئتنا وقدرتنا
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11في الجارية أي السفينة التي جعلناها بحكمتنا عريقة في الجريان حتى كأنه لا جارية غيرها على وجه الماء الذي جعلنا من شأنه الإغراق، وهو تعبير بالصفة عن الموصوف،
ونوح عليه السلام أول من صنع السفينة، وإنما صنعها بوحي الله تعالى وبحفظه له من أن يزل في صنعتها، قال: اجعلها كهيئة صدر الطائر ليكون ما يجري في الماء مقاربا لما يجري في الهواء، وأغرقنا سوى من في السفينة من جميع أهل الأرض من آدمي وغيره.
وَلَمَّا كَانَ رُبَّمَا وَقَعَ فِي وَهْمِ التَّعَجُّبِ مِنْ وُجُودِ
فِرْعَوْنَ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْإِخْبَارِ بِأَخْذِ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ مَعَ أَنَّ "مِنْ" [ مِنْ -] صِيَغُ الْعُمُومِ، أَشَارَ إِلَى [ أَنَّهُ أَهْلَكَ -] جَمِيعَ الْمُخَالِفِينَ وَأَنْجَى جَمِيعَ الْمُوَافِقِينَ، قَالَ جَوَابًا لِذَلِكَ السُّؤَالِ مُؤَكِّدًا لِأَجْلِ مَنْ يَتَعَنَّتُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِمَّا يَتَعَجَّبُ مِنْهُ وَيَتَلَذَّذُ بِذِكْرِهِ:
nindex.php?page=treesubj&link=29676_31836_29040nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11إِنَّا أَيْ
[ ص: 350 ] عَلَى قُدْرَتِنَا وَعَظَمَتِنَا وَإِحَاطَتِنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11لَمَّا طَغَى الْمَاءُ أَيْ فَزَادَ عَنِ الْحَدِّ حَتَّى عَلَا عَلَى أَعْلَى جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ بِقَدْرِ مَا يَغْرَقُ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ حِينَ أَغْرَقَنَا قَوْمُ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ [ بِهِ -] فَلَمْ يُطِيقُوا ضَبْطَهُ وَلَا قَاوُوهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَلَا وَفَقُوا لِرُكُوبِ السَّفِينَةِ، فَكَانَ خُرُوجُهُ عَنِ الْعَادَةِ رَادًّا عَلَى أَهْلِ الطَّبَائِعِ.
وَلَمَّا كَانَ الْإِيجَادُ نِعْمَةً فَكَانَ إِنْجَاءُ آبَائِهِمْ مِنَ الْغَرَقِ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِوُجُودِهِمْ نِقْمَةٌ عَلَيْهِمْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11حَمَلْنَاكُمْ أَيْ فِي ظُهُورِ آبَائِكُمْ بِعَظَمَتِنَا وَمَشِيئَتِنَا وَقُدْرَتِنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11فِي الْجَارِيَةِ أَيِ السَّفِينَةِ الَّتِي جَعَلْنَاهَا بِحِكْمَتِنَا عَرِيقَةً فِي الْجَرَيَانِ حَتَّى كَأَنَّهُ لَا جَارِيَةَ غَيْرُهَا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ الَّذِي جَعَلْنَا مِنْ شَأْنِهِ الْإِغْرَاقَ، وَهُوَ تَعْبِيرٌ بِالصِّفَةِ عَنِ الْمَوْصُوفِ،
وَنُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُ مَنْ صَنَعَ السَّفِينَةَ، وَإِنَّمَا صَنَعَهَا بِوَحْيِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِحِفْظِهِ لَهُ مِنْ أَنْ يَزِلَّ فِي صَنْعَتِهَا، قَالَ: اجْعَلْهَا كَهَيْئَةِ صَدْرِ الطَّائِرِ لِيَكُونَ مَا يَجْرِي فِي الْمَاءِ مُقَارِبًا لِمَا يَجْرِي فِي الْهَوَاءِ، وَأَغْرَقَنَا سِوَى مَنْ فِي السَّفِينَةِ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ مَنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ.