ولما بدأ سبحانه وتعالى بثمود الذين هم أقرب المهلكين إلى
مكة المشرفة لأن التخويف بالأقرب أقعد، وختم بقوم
نوح عليه السلام لأنهم كانوا جميع أهل الأرض ولم يخف أمرهم على أحد ممن
[ ص: 351 ] بعدهم، علل اختيار إنجائهم بالسفينة دون غيرها فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=32016_29040nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12لنجعلها أي هذه الفعلات العظيمة من إنجاء المؤمنين بحيث لا يهلك منهم بذلك العذاب أحد وإهلاك الكافرين بحيث لا يشذ منهم أحد، وكذا السفينة التي حملنا فيها
نوحا عليه السلام ومن معه بإبقائها آية من آياته وأعجوبة من بدائع بيناته وغريبة في الدهر من أعجوباته
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12لكم أي أيها الأناسي
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12تذكرة أي سببا عظيما لذكر أول إنشائه والموعظة به لتستدلوا بذلك على كمال قدرته تعلى وتمام علمه وعظمة رحمته وقهره، فيقودكم ذلك إليه وتقبلوا بقلوبكم عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12وتعيها أي ولتحفظ قصة السفينة وغيرها مما تقدم، حفظا ثابتا مستقرا كأنه محوى في وعاء.
ولما كان المنتفع بما يسمع الحافظ له قليلا جدا، دل على ذلك بتوحيد الأذن فقال موحدا منكرا مع الدلالة على تعظيمها:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12أذن أي عظيمة النفع
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12واعية أي من شأنها أن تحفظ ما ينبغي حفظه من الأقوال والأفعال الإلهية والأسرار الربانية لنفع عباد الله كما كان
نوح عليه السلام ومن معه وهم قليل سببا لإدامة النسل والبركة فيه
[ ص: 352 ] حتى امتلأت منه الأرض. والوعي: الحفظ في النفس، والإيعاء: الحفظ في الوعاء، وفي ذلك توبيخ للناس بقلة الواعي منهم، ودلالة على أن الأذن الواحدة إذا غفلت عن الله تعالى فهي السواد الأعظم، وما سواها لا يبالي بهم الله بالة - قاله
الأصبهاني nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري وغيرهما.
وَلَمَّا بَدَأَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِثَمُودَ الَّذِينَ هُمْ أَقْرَبُ الْمُهْلِكِينَ إِلَى
مَكَّةَ الْمُشْرِفَةِ لِأَنَّ التَّخْوِيفَ بِالْأَقْرَبِ أَقْعَدُ، وَخَتَمَ بِقَوْمِ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَخَفْ أَمْرَهُمْ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ
[ ص: 351 ] بَعْدَهُمْ، عَلَّلَ اخْتِيَارَ إِنْجَائِهِمْ بِالسَّفِينَةِ دُونَ غَيْرِهَا فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=32016_29040nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12لِنَجْعَلَهَا أَيْ هَذِهِ الْفِعْلَاتِ الْعَظِيمَةِ مِنْ إِنْجَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِحَيْثُ لَا يَهْلَكُ مِنْهُمْ بِذَلِكَ الْعَذَابِ أَحَدٌ وَإِهْلَاكُ الْكَافِرِينَ بِحَيْثُ لَا يَشِذُّ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَكَذَا السَّفِينَةُ الَّتِي حَمَلْنَا فِيهَا
نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَنْ مَعَهُ بِإِبْقَائِهَا آيَةً مِنْ آيَاتِهِ وَأُعْجُوبَةً مِنْ بَدَائِعِ بَيِّنَاتِهِ وَغَرِيبَةً فِي الدَّهْرِ مِنْ أُعْجُوبَاتِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12لَكُمْ أَيْ أَيُّهَا الْأَنَاسِيُّ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12تَذْكِرَةً أَيْ سَبَبًا عَظِيمًا لِذِكْرِ أَوَّلِ إِنْشَائِهِ وَالْمَوْعِظَةِ بِهِ لِتَسْتَدِلُّوا بِذَلِكَ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ تُعْلَى وَتَمَامِ عِلْمِهِ وَعَظَمَةِ رَحْمَتِهِ وَقَهْرِهِ، فَيَقُودُكُمْ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَتَقْبَلُوا بِقُلُوبِكُمْ عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12وَتَعِيَهَا أَيْ وَلِتَحْفَظَ قِصَّةَ السَّفِينَةِ وَغَيْرَهَا مِمَّا تَقَدَّمَ، حِفْظًا ثَابِتًا مُسْتَقِرًّا كَأَنَّهُ مَحْوَى فِي وِعَاءٍ.
وَلَمَّا كَانَ الْمُنْتَفِعُ بِمَا يَسْمَعُ الْحَافِظُ لَهُ قَلِيلًا جِدًّا، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِتَوْحِيدِ الْأُذُنِ فَقَالَ مُوَحِّدًا مُنْكِرًا مَعَ الدَّلَالَةِ عَلَى تَعْظِيمِهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12أُذُنٌ أَيْ عَظِيمَةِ النَّفْعِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12وَاعِيَةٌ أَيْ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَحْفَظَ مَا يَنْبَغِي حِفْظُهُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْأَسْرَارِ الرَّبَّانِيَّةِ لِنَفْعِ عِبَادِ اللَّهِ كَمَا كَانَ
نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَنْ مَعَهُ وَهُمْ قَلِيلٌ سَبَبًا لِإِدَامَةِ النَّسْلِ وَالْبَرَكَةِ فِيهِ
[ ص: 352 ] حَتَّى امْتَلَأَتْ مِنْهُ الْأَرْضُ. وَالْوَعْيُ: الْحِفْظُ فِي النَّفْسِ، وَالْإِيعَاءُ: الْحِفْظُ فِي الْوِعَاءِ، وَفِي ذَلِكَ تَوْبِيخٌ لِلنَّاسِ بِقِلَّةِ الْوَاعِي مِنْهُمْ، وَدَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَ الْوَاحِدَةَ إِذَا غَفَلَتْ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ، وَمَا سِوَاهَا لَا يُبَالِي بِهِمُ اللَّهُ بَالَةً - قَالَهُ
الْأَصْبِهَانِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا.