nindex.php?page=treesubj&link=28723_30454_34092_29047nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وما تشاءون إلخ تحقيق للحق ببيان أن مجرد مشيئتهم غير كافية في اتخاذ السبيل كما هو المفهوم من ظاهر الشرطية أي وما تشاؤون اتخاذ السبيل ولا تقدرون على تحصيله في وقت من الأوقات إلا وقت مشيئته تعالى اتخاذه وتحصيله لكم إذ لا دخل لمشيئة العبد إلا من الكسب وإنما التأثير والخلق لمشيئة الله عز وجل وفيه نوع مخالفة للظاهر كما لا يخفى .
نعم قيل إن ظاهر الشرطية أن مشيئة العبد مطلقا مستلزمة للفعل فيلزم أنه متى شاء فعلا فعله مع أن الواقع خلافه فلا بد مما قاله هذا البعض، وجعل الجملة الثانية تحقيقا للحق وأجيب بأنها للتحقيق على وجه آخر وذلك أن الأولى أفهمت الاستلزام والثانية بينت أن هذه المشيئة المستلزمة لا تتحقق إلا وقت مشيئة الله تعالى إياها
[ ص: 168 ] فكأنه قيل: وما تشاؤون مشيئة تستلزم الفعل إلا وقت أن يشاء الله تعالى مشيئتكم تلك فتأمل.
وأنت تعلم أن هذه المسألة من محار الأفهام ومزال أقدام أقوام بعد أقوام وأقوى شبه الجبرية أنه قد تقرر أن الشيء ما لم يجب لم يوجد فإن وجب صدور الفعل فلا اختيار .
وإلا فلا صدور وبعبارة أخرى أن جميع ما يتوقف عليه الفعل إذا تحقق فإما أن يلزم الفعل فيلزم الاضطرار أولا فيلزم جواز تخلف المعلول عن علته التامة بل مع الصدور الترجح بلا مرجح فقد قيل إنها نحو شبهة
ابن كمونة في التوحيد يصعب التفصي عنها وللفقير العاجز جبر الله تعالى فقره ويسر أمره عزم على تأليف رسالة إن شاء الله تعالى في ذلك سالكا فيها بتوفيقه سبحانه أحسن المسالك وإن كان
الكوراني قدس سره لم يدع فيها مقالا وأوشك أن يدع كل من جاء بعد فيها بشيء عليه عيالا والله تعالى الموفق .
وقرأ العربيان
nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير «وما يشاؤون» بياء الغيبة وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود « إلا ما يشاء الله» وما فيه مصدرية كأن في قراءة الجماعة وقد أشرنا إلى أن المصدر في محل نصب على الظرفية بتقدير المضاف الساد هو مسده وهو ما اختاره غير واحد وتعقبه
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان بأنهم نصوا على أنه لا يقوم مقام الظرف إلا المصدر المصرح فلا يجوز أجيئك أن يصيح الديك أو ما يصيح الديك وإنما يجوز أجيئك صياح الديك وكأنه لهذا قيل إن
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30أن يشاء بتقدير حرف الجر والاستثناء من أعلم الأسباب أي
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وما تشاءون بسبب من الأسباب إلا بأن يشاء الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30 .
( إن الله كان عليما مبالغا في العلم فيعلم مشيئات العباد المتعلقة بالأفعال التي سألوها بألسنة استعداداتهم
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30حكيما مبالغا في الحكمة فيفيض على كل ما هو الأوفق باستعداده وما هو عليه في نفس الأمر من المشيئة أو أنه تعالى مبالغ في العلم والحكمة فيعلم ما يستأهله كل أحد من الطاعة وخلافها فلا يشاء لهم إلا ما يستدعيه علمه سبحانه وتقتضيه حكمته عز وجل وقيل
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30عليما أي يعلم ما يتعلق به مشيئة العباد من الأعمال
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30حكيما لا يشاء إلا على وفق حكمته وهو أن يشاء العبد فيشاء الرب سبحانه وتعالى لا العكس ليتأتى التكليف من غير انفراد لأحد المشيئتين عن الأخرى وفيه بحث .
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30454_34092_29047nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وَمَا تَشَاءُونَ إِلَخِ تَحْقِيقٌ لِلْحَقِّ بِبَيَانِ أَنَّ مُجَرَّدَ مَشِيئَتِهِمْ غَيْرُ كَافِيَةٍ فِي اتِّخَاذِ السَّبِيلِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ ظَاهِرِ الشِّرْطِيَّةِ أَيْ وَمَا تَشَاؤُونَ اتِّخَاذَ السَّبِيلِ وَلَا تَقْدِرُونَ عَلَى تَحْصِيلِهِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ إِلَّا وَقْتَ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى اتِّخَاذَهُ وَتَحْصِيلَهُ لَكُمْ إِذْ لَا دَخْلَ لِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ إِلَّا مِنَ الْكَسْبِ وَإِنَّمَا التَّأْثِيرُ وَالْخَلْقُ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِيهِ نَوْعُ مُخَالَفَةٍ لِلظَّاهِرِ كَمَا لَا يَخْفَى .
نَعَمْ قِيلَ إِنَّ ظَاهِرَ الشَّرْطِيَّةِ أَنَّ مَشِيئَةَ الْعَبْدِ مُطْلَقًا مُسْتَلْزَمَةٌ لِلْفِعْلِ فَيَلْزَمُ أَنَّهُ مَتَى شَاءَ فِعْلًا فَعَلَهُ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ خِلَافُهُ فَلَا بُدَّ مِمَّا قَالَهُ هَذَا الْبَعْضُ، وَجَعَلَ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ تَحْقِيقًا لِلْحَقِّ وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا لِلتَّحْقِيقِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَذَلِكَ أَنَّ الْأُولَى أَفْهَمَتِ الِاسْتِلْزَامَ وَالثَّانِيَةَ بَيَّنَتْ أَنَّ هَذِهِ الْمَشِيئَةَ الْمُسْتَلْزَمَةَ لَا تَتَحَقَّقُ إِلَّا وَقْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهَا
[ ص: 168 ] فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَمَا تَشَاؤُونَ مَشِيئَةً تَسْتَلْزِمُ الْفِعْلَ إِلَّا وَقْتَ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَشِيئَتَكُمْ تِلْكَ فَتَأَمَّلْ.
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ مَحَارِ الْأَفْهَامِ وَمَزَالِّ أَقْدَامِ أَقْوَامٍ بَعْدَ أَقْوَامٍ وَأَقْوَى شُبَهِ الْجَبْرِيَّةِ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الشَّيْءَ مَا لَمْ يَجِبْ لَمْ يُوجَدْ فَإِنْ وَجَبَ صُدُورُ الْفِعْلِ فَلَا اخْتِيَارَ .
وَإِلَّا فَلَا صُدُورَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّ جَمِيعَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ إِذَا تَحَقَّقَ فَإِمَّا أَنْ يَلْزَمَ الْفِعْلُ فَيَلْزَمُ الِاضْطِرَارُ أَوَّلًا فَيَلْزَمُ جَوَازُ تَخَلُّفِ الْمَعْلُولِ عَنْ عِلَّتِهِ التَّامَّةِ بَلْ مَعَ الصُّدُورِ التَّرَجُّحُ بِلَا مُرَجِّحٍ فَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا نَحْوُ شُبْهَةِ
ابْنِ كَمُّونَةَ فِي التَّوْحِيدِ يَصْعُبُ التَّفَصِّي عَنْهَا وَلِلْفَقِيرِ الْعَاجِزِ جَبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فَقْرَهُ وَيَسَّرَ أَمْرَهُ عَزَمَ عَلَى تَأْلِيفِ رِسَالَةٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ سَالِكًا فِيهَا بِتَوْفِيقِهِ سُبْحَانَهُ أَحْسَنَ الْمَسَالِكِ وَإِنْ كَانَ
الْكُورَانِيُّ قُدِّسَ سِرُّهُ لَمْ يَدَعْ فِيهَا مَقَالًا وَأَوْشَكَ أَنْ يَدَعَ كُلَّ مَنْ جَاءَ بَعْدُ فِيهَا بِشَيْءٍ عَلَيْهِ عِيَالًا وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ .
وَقَرَأَ الْعَرَبِيَّانِ
nindex.php?page=showalam&ids=16456وَابْنُ كَثِيرٍ «وَمَا يَشَاؤُونَ» بِيَاءِ الْغَيْبَةِ وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ « إِلَّا مَا يَشَاءُ اللهُ» وَمَا فِيهِ مَصْدَرِيَّةٌ كَأَنْ فِي قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ السَّادِّ هُوَ مَسَدَّهُ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَتَعَقَّبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانٍ بِأَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الظَّرْفِ إِلَّا الْمَصْدَرُ الْمُصَرَّحُ فَلَا يَجُوزُ أَجِيئُكَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ أَوْ مَا يَصِيحُ الدِّيكُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَجِيئُكَ صِيَاحَ الدِّيكِ وَكَأَنَّهُ لِهَذَا قِيلَ إِنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30أَنْ يَشَاءَ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ وَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَعْلَمِ الْأَسْبَابِ أَيْ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وَمَا تَشَاءُونَ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ إِلَّا بِأَنْ يَشَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30 .
( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا مُبَالِغًا فِي الْعِلْمِ فَيَعْلَمُ مَشِيئَاتِ الْعِبَادِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَفْعَالِ الَّتِي سَأَلُوهَا بِأَلْسِنَةِ اسْتِعْدَادَاتِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30حَكِيمًا مُبَالِغًا فِي الْحِكْمَةِ فَيَفِيضُ عَلَى كُلِّ مَا هُوَ الْأَوْفَقُ بِاسْتِعْدَادِهِ وَمَا هُوَ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنَ الْمَشِيئَةِ أَوْ أَنَّهُ تَعَالَى مُبَالِغٌ فِي الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ فَيَعْلَمُ مَا يَسْتَأْهِلُهُ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ الطَّاعَةِ وَخِلَافِهَا فَلَا يَشَاءُ لَهُمْ إِلَّا مَا يَسْتَدْعِيهِ عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ وَتَقْتَضِيهِ حِكْمَتُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقِيلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30عَلِيمًا أَيْ يَعْلَمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَشِيئَةُ الْعِبَادِ مِنَ الْأَعْمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30حَكِيمًا لَا يَشَاءُ إِلَّا عَلَى وَفْقِ حِكْمَتِهِ وَهُوَ أَنْ يَشَاءَ الْعَبْدُ فَيَشَاءَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا الْعَكْسُ لِيَتَأَتَّى التَّكْلِيفُ مِنْ غَيْرِ انْفِرَادٍ لِأَحَدِ الْمَشِيئَتَيْنِ عَنِ الْأُخْرَى وَفِيهِ بَحْثُ .