الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قاعدة في اختلاف أحكام التصرفات لاختلاف مصالحها

اعلم أن الله تعالى شرع في كل تصرف من التصرفات ما يحصل مقاصده ويوفر مصالحه ; فشرع في باب ما يحصل مصالحه العامة والخاصة ، فإن عمت المصلحة جميع التصرفات شرعت تلك المصلحة في كل تصرف ، وإن اختصت ببعض التصرفات شرعت فيما اختصت به دون ما لم تختص به ، بل قد يشترط في بعض الأبواب ما يكون مبطلا في غيره نظرا إلى مصلحة البابين ، كما يشترط استقصاء أوصاف المحكوم له والمحكوم عليه أن ينتهي إلى عزة وجوده المشارك في تلك الأوصاف ، كي لا يقع الحكم على مبهم . [ ص: 144 ]

ولو وقع مثل ذلك في السلم لأفسده لأنه مؤد إلى تعذر تحصيل مقصوده ، ولذلك شرط التوقيت في الإجارة والمساقاة والمزارعة ، ولو وقع التوقيت في النكاح لأفسده لمنافاته لمقصوده ، وكذلك شرط في العقود اللازمة على المنافع أن يكون أجلها معلوما وجعل أجل النكاح مقدرا لعمر أقصر الزوجين عمرا .

فمن ذلك أن الشرع منع من بيع المعدوم وإجارته وهبته لما في ذلك من الغرر وعدم الحاجة ، وجوز عقود المنافع مع عدمها إذ لا يتصور وجودها حال العقد ، ولا تحصل منافعها إلا كذلك وقد جوز الشافعي رحمه الله إجارة المنافع بالمنافع ، وإن كانتا معدومتين ، كما جوزت الشريعة عقد النكاح بتعليم القرآن ، وهو مقابلة منفعة التعليم بمنفعة البضع ، والتقدير زوجتكها بتعليم ما معك من القرآن أو بتلقين ما معك من القرآن ، وكما أنكح شعيب ابنته من موسى برعي عشر حجج مقابل منافع البضع بالرعي ، كما قابل صلى الله عليه وسلم منافع البضع بتعليم القرآن .

التالي السابق


الخدمات العلمية