الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب الخيار في الشفعة

( قال : رحمه الله وإذا كان المشتري شرط الخيار لنفسه ثلاثا في الشراء فللشفيع الشفعة ) أما عند أبي يوسف ومحمد ; لأنه صار مالكا للدار وعندهما خيار الشرط كخيار الرؤية ، والعيب للمشتري ، فلا يمنع وجوب الشفعة ، وعند أبي حنيفة المشتري إن لم يملك الدار بشرط الخيار ، فقد خرجت الدار من ملك البائع وانقطع حقه عنها لكون البيع باقيا في جانبه ووجوب الشفعة تعتمد انقطاع حق البائع لا ثبوت الملك للمشتري حتى إذا أقر بالبيع وأنكر المشتري يجب للشفيع فيه الشفعة ; ولأن المشتري صار أحق بالتصرف فيها فباعتباره يتحقق الضرر المحوج للشفيع إلى الدفع عن نفسه

وإذا اشترى المرتد دارا فللشفيع فيها الشفعة إن قبل على الردة ، أو أسلم في قول أبي يوسف ومحمد ; لأن الشراء من المرتد صحيح عندهما وعند أبي حنيفة ; لأن البيع قد تم في جانب البائع وصار المشتري أحق بها لو أسلم فكان للشفيع حق الشفعة ، وهو بمنزلة خيار ثابت للمشتري ، ولو كان المشتري بالخيار أبدا لم يكن للشفيع فيها الشفعة ; لأن البيع فاسد وفي البيع الفاسد حق البائع في الاسترداد ثابت وما لم ينقطع حق [ ص: 143 ] البائع في الاسترداد لا يجب للشفيع الشفعة ، فإن أبطل المشتري خياره وأوجب البيع قبل مضي الأيام الثلاثة وجبت الشفعة لزوال المفسد قبل تقرره ، وكذلك عندهما بعد مضي الأيام الثلاثة ; لأن العقد عندهما ينقلب صحيحا متى أسقط خياره ، وهذا إذا شرط الخيار أبدا ، فإن كان شرط الخيار شهرا فعندهما هذا البيع صحيح لازم وللشفيع حق الأخذ بالشفعة ، وقد بينا المسألة في البيوع ، وإن كان الخيار ثلاثة فأخذها الشفيع من البائع في الثلاثة ، فقد وجب البيع ، وليس للشفيع من الخيار ما كان للمشتري ; لأن خيار الشرط كاسمه لا يثبت ، إلا لمن شرط له ، والشرط كان للمشتري دون الشفيع وإذا كان الخيار للبائع ، فلا شفعة فيها حتى يوجب البيع ; لأن خيار البائع يمنع خروج المبيع من ملكه وبقاء حق البائع يمنع ثبوت حق الشفيع فبقاء ملكه أولى ، فإن بيعت دار إلى جنبها فللبائع فيها الشفعة دون المشتري ; لأن الملك في الدار المبيعة عندهما في هذا البيع للبائع وإذا أخذها بالشفعة فهذا نقض منه للبيع ; لأنه قرر ملكه وجواره حين أخذ المبيعة بالشفعة باعتباره فإقدام البائع على ما يقرر ملكه في مدة الخيار يكون نقضا للبيع ، وهذا ; لأنه لو لم يجعل ناقضا لكان إذا أجاز البيع فيها ملكها المشتري من وقت العقد حتى يستحق بزوائدها المتصلة ، والمنفصلة فتبين أنه أخذها بالشفعة من غير حق له .

التالي السابق


الخدمات العلمية