الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الجنائز باب الأمراض المكفرة للذنوب

                                                                      3089 حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحق قال حدثني رجل من أهل الشام يقال له أبو منظور عن عمه قال حدثني عمي عن عامر الرام أخي الخضر قال أبو داود قال النفيلي هو الخضر ولكن كذا قال قال إني لببلادنا إذ رفعت لنا رايات وألوية فقلت ما هذا قالوا هذا لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وهو تحت شجرة قد بسط له كساء وهو جالس عليه وقد اجتمع إليه أصحابه فجلست إليهم فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسقام فقال إن المؤمن إذا أصابه السقم ثم أعفاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلم يدر لم عقلوه ولم يدر لم أرسلوه فقال رجل ممن حوله يا رسول الله وما الأسقام والله ما مرضت قط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم عنا فلست منا فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل عليه كساء وفي يده شيء قد التف عليه فقال يا رسول الله إني لما رأيتك أقبلت إليك فمررت بغيضة شجر فسمعت فيها أصوات فراخ طائر فأخذتهن فوضعتهن في كسائي فجاءت أمهن فاستدارت على رأسي فكشفت لها عنهن فوقعت عليهن معهن فلففتهن بكسائي فهن أولاء معي قال ضعهن عنك فوضعتهن وأبت أمهن إلا لزومهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه أتعجبون لرحم أم الأفراخ فراخها قالوا نعم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فوالذي بعثني بالحق لله أرحم بعباده من أم الأفراخ بفراخها ارجع بهن حتى تضعهن من حيث أخذتهن وأمهن معهن فرجع بهن [ ص: 268 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 268 ] قال العيني : والجنائز جمع جنازة وهي بفتح الجيم اسم للميت المحمول ، وبكسرها اسم للنعش الذي يحمل عليه الميت ، ويقال عكس ذلك حكاه صاحب المطالع ، واشتقاقها من جنز إذا ستر ذكره ابن فارس وغيره ، ومضارعه يجنز بكسر النون . وقال الجوهري : الجنازة واحدة الجنائز ، والعامة تقول الجنازة بالفتح والمعنى للميت على السرير فإذا لم يكن عليه الميت فهو سرير ونعش . انتهى .

                                                                      ( أبو منظور ) : قال في الخلاصة : أبو منظور عن عمه وعنه ابن إسحاق مجهول . وعامر الرام صحابي له حديث رواه أبو منظور عن عمه عنه . انتهى .

                                                                      وقال الحافظ في التقريب : عامر الرامي المحاربي صحابي له حديث يروى بإسناد مجهول ، وأبو منظور الشامي مجهول من السادسة . انتهى . وقال في الإصابة : قال البخاري : وأبو منظور لا يعرف إلا بهذا انتهى ( عن عمه قال حدثني عمي عن عامر ) : هكذا في جميع النسخ الحاضرة أي أبو منظور يروي عن عمه ، وعم أبي منظور يروي عن عمه ، وعم عمه يروي عن عامر الرامي ، فبين أبي منظور وعامر واسطتان الأول عم أبي منظور والثاني عم عمه وكلاهما مجهولان .

                                                                      قال المنذري . في الترغيب : والحديث رواه أبو داود وفي إسناده راو لم يسم . انتهى . لكن في أسد الغابة هذا الإسناد هكذا أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بإسناده إلى أبي داود [ ص: 269 ] حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبي منظور عن عمه عامر الرامي أخي الخضر . ولفظ الإصابة في تمييز الصحابة : وروى أحمد وأبو داود من طريق ابن إسحاق عن أبي منظور عن عمه عامر الرامي . ففي هذين الكتابين بحذف الواسطتين المذكورتين وأن عامرا هو عم لأبي منظور . وقال المزي في الأطراف : مسند عامر الرامي أخي الخضر قبيلة من محارب عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث : " إني لببلادنا إذ رفعت لنا رايات وألوية " الحديث أخرجه أبو داود في الجنائز عن عبد الله بن محمد النفيلي عن محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني رجل من أهل الشام يقال له أبو منظور الشامي عن عمه قال حدثني عمي عن عامر الرامي ، ورواه محمد بن حميد الرازي عن سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن أبي منظور الشامي عن عمه عن عامر . انتهى .

                                                                      ( عن عامر الرام ) : بحذف الياء تخفيفا كما في المتعال ( أخي الخضر ) : بضم الخاء وسكون الضاد المعجمتين المحاربي من ولد مالك بن مطرف بن خلف بن محارب ، وكان يقال لولد مالك الخضر لأنه كان شديد الأدمة وكان عامر راميا حسن الرمي فلذلك قيل له الرامي . قاله في الإصابة .

                                                                      وقال في تاج العروس : الخضر بالضم قبيلة . وهم رماة مشهورون ومنهم عامر الرامي أخو الخضر وصخر بن الجعد وغيرهما . انتهى . قال ابن الأثير في أسد الغابة والذهبي في تجريد أسماء الصحابة : عامر الرامي الخضري والخضر قبيلة من قيس عيلان ثم من محارب بن خصفة بن قيس بن عيلان وهم ولد مالك بن طريف بن خلف بن محارب قيل لمالك وأولاده الخضر لأنه كان آدم وكان عامر أرمى العرب . انتهى . ( قال النفيلي هو الخضر ) : بضم الخاء وسكون الضاد المعجمتين ( ولكن كذا قال ) الراوي أي بفتح الخاء وكسر الضاد . والمعنى أنا حفظنا لفظ الخضر بفتح الخاء وكسر الضاد لكن الصحيح أنه بضم الخاء وسكون الضاد كذا قاله بعض الأعلام في حاشيته على كتاب الترغيب ( قال ) : الراوي ( رايات وألوية ) : قال في المصباح المنير : لواء الجيش علمه وهو دون الراية والجمع ألوية ( فأتيته ) : أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وهو ) : أي النبي صلى الله عليه وسلم ( جالس عليه ) : أي على الكساء ( وقد اجتمع إليه ) : أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( الأسقام ) : جمع سقم أي الأمراض وثوابها ( إذا [ ص: 270 ] أصابه السقم ) : بفتحتين وبضم فسكون ( ثم أعفاه الله ) : أي عافاه الله ( منه ) : أي من ذلك السقم ( كان ) أي السقم والصبر عليه ( وموعظة له ) : أي تنبيها للمؤمن فيتوب ويتقي ( فيما يستقبل ) : من الزمان . قال الطيبي : أي إذا مرض المؤمن ثم عوفي تنبه وعلم أن مرضه كان مسببا عن الذنوب الماضية فيندم ولا يقدم على ما مضى فيكون كفارة لها ( وإن المنافق ) : وفي معناه الفاسق المصر ( إذا مرض ثم أعفي ) : بمعنى عوفي الاسم منه العافية ( كان ) : أي المنافق في غفلته ( عقله أهله ) : أي شدوه وقيدوه وهو كناية عن المرض استئناف مبين لوجه الشبه ( ثم أرسلوه ) : أي أطلقوه وهو كناية عن العافية ( فلم يدر ) : أي لم يعلم ( لم ) : أي لأي سبب ( عقلوه ولم يدر لم أرسلوه ) : يعني أن المنافق لا يتعظ ولا يتوب فلا يفيد مرضه لا فيما مضى ولا فيما يستقبل ، فأولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ( وما الأسقام ) : قال الطيبي : عطف على مقدر ، أي عرفنا ما يترتب على الأسقام وما الأسقام ( قم عنا ) : أي تنح وابعد ( فلست منا ) : أي لست من أهل طريقتنا حيث لم تبتل ببليتنا ( قد التف عليه ) : أي لف الرجل كساءه على هذا الشيء ( فقال ) : الرجل ( بغيضة شجر ) : أي بمجمع شجر . قال في المصباح المنير : الغيضة الأجمة وهي الشجر الملتف وجمعه غياض ( فسمعت فيها ) : أي في الغيضة ( فراخ طائر ) : بكسر الفاء جمع فرخ وهو ولد الطائر ( فأخذتهن ) : أي الفراخ ( فوضعتهن ) : أي الفراخ ( فكشفت لها ) : أي لأم الفراخ ( عنهن ) : أي عن الفراخ ( فوقعت ) : أم الفراخ ( عليهن ) : أي على الفراخ ( قال ) : رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 271 ] ( ضعهن ) : أي الفراخ ( لرحم أم الأفراخ ) : قال في القاموس : والرحم بالضم وبضمتين التعطف . انتهى . ( قال ) : أي رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل ( ارجع بهن ) : أي بالفراخ ( فرجع ) : الرجل ( بهن ) : أي بالفراخ من مجلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى موضعهن .

                                                                      والحديث سكت عنه المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية