الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                المانع الثالث : الرضاع .

                                                                                                                ويقال : الرضاع بفتح الراء وبكسرها ، والرضاعة ، وقد تقدم مستنده ، ويتعلق الفقه فيه بالمرضعة ، والمرضع ، واللبن المرضع ، وإثباته ، ومن يحرم به ، فهذه خمسة فصول .

                                                                                                                الفصل الأول : في المرضعة .

                                                                                                                وفي الجواهر : هي المرأة دون الرجل والبهيمة ، وقاله ( ش ) ، و ( ح ) ، وروي عن مالك كراهة نكاح من أرضعه الرجال ، قال اللخمي : قال ابن اللبان : تقع الحرمة به ; لأن الحرمة إذا وقعت باللبن عن وطئه فبلبنه أولى ، ويحمل قوله تعالى : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ) على الغالب ، وفي الجواهر : ويحرم ارتضاع الميتة ، وفحله أب لأنه يغذي ، وفي مسلم : قال عليه السلام : ( الرضاعة من المجاعة ) ، وقيل : لا يحرم ، ولا تحل له لشبهها بالبهيمة بل بالجماد ، ويحرم لبن البكر ، والآيسة ، وغير الموطوءة ، والصبية ، وقاله ( ح ) خلافا ل ( ش ) ; لأن لبنها يغذي وقاله في الكتاب ، وقيل : ما لم تنقص الصبية عن سن من توطأ .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : تجبر ذات الزوج على رضاع ولدها إلا أن يكون لا يرضع مثلها لشرفها لقوله تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ) [ ص: 271 ] ( البقرة : 133 ) ، ولأنها دخلت على ذلك عرفا فيلزمها شرعا ، فإن مات الأب والصبي ، قال : فلها الاستئجار من ماله على إرضاعه إلا أن لا يقبل غيرها فتجبر بالأجرة من ماله ، وإن لم يكن له مال لزمها إرضاعه ، قال ابن يونس : يريد : وإن قبل غيرها بخلاف النفقة ; لأن أصل الإرضاع واجب عليها ، وقال عبد الوهاب : لا يلزمها إلا أن لا يقبل غيرها ; لأن الأصل عدم تعلق حقه بها ، قال مالك : وإذا لم يكن للأم لبن أو لها وليس له مال فعليها إرضاعه للآية ، وتأخيره - عليه السلام - الغامدية حتى إذا أرضعت ولدها حينئذ رجمها . فدل ذلك على تعينها له ، وفي الكتاب : على الرجعية الإرضاع كالزوجة ، فإذا انقضت العدة أو كانت بائنا فعلى الأب أجر الرضاع ، فإن اختلفا في مقدار الأجرة فالأم أحق بما يرضى به غيرها وليس للأب التفرقة بينهما ، فإن أبت فلا حق لها إلا أن لا يقبل الولد غيرها فتجبر عليه ، قال ابن يونس : يريد : الأم أحق بأجرة المثل لا بما زاد سواء وجد من يرضع غير الأم أم لا ، ولو كان الأب معدما فوجد من يرضعه باطلا قيل : للأم إما أن ترضعه باطلا أو تسلمه ، وكذلك إن كان الأب لا يقدر على أجرة المثل ، ووجد من يرضعه بدونها ، وإن كان موسرا أو وجد من يرضعه باطلا فليس ذلك له ، وروي عنه أنها لا تأخذه إلا بما وجد ، قال : والأول أحسن لقوله تعالى : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) ( الطلاق : 6 ) .

                                                                                                                [ ص: 272 ] فرع

                                                                                                                قال صاحب البيان : إذا طلقها ليس لها طرح ولدها من حينه ، حتى يجد مرضعا لقوله تعالى : ( لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ) ( البقرة : 135 ) .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا أقدم الأب أجرة رضاع سنة ثم مات رجع ما بقي للورثة .

                                                                                                                وقال مالك : ذاك عطية الابن استحقها بالحوز .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية