الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( وأما السائل فلا تنهر )

                                                                                                                                                                                                                                            ‌‌‌ ثم قال تعالى : ( وأما السائل فلا تنهر ) يقال : نهره وانتهره إذا استقبله بكلام يزجره ، وفي المراد من السائل قولان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : وهو اختيار الحسن أن المراد منه من يسأل العلم ونظيره من وجه : ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) [عبس : 1 ، 2] وحينئذ يحصل الترتيب ، لأنه تعالى قال له أولا : ( ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى ) ثم اعتبر هذا الترتيب ، فأوصاه برعاية حق اليتيم ، ثم برعاية حق من يسأله عن العلم والهداية ، ثم أوصاه بشكر نعم الله عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            والقول الثاني : أن المراد مطلق السائل ولقد عاتب الله رسوله في القرآن في شأن الفقراء في ثلاثة مواضع :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أنه كان جالسا وحوله صناديد قريش ، إذ جاء ابن أم مكتوم الضرير ، فتخطى رقاب الناس حتى جلس بين يديه ، وقال : علمني مما علمك الله ، فشق ذلك عليه فعبس وجهه فنزل (عبس وتولى ) .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : حين قالت له قريش : لو جعلت لنا مجلسا وللفقراء مجلسا آخر فهم أن يفعل ذلك فنزل قوله : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ) [الكهف : 28] .

                                                                                                                                                                                                                                            والثالث : كان جالسا فجاءه عثمان بعذق من تمر فوضعه بين يديه فأراد أن يأكل فوقف سائل بالباب ، فقال : رحم الله عبدا يرحمنا ، فأمر بدفعه إلى السائل فكره عثمان ذلك ، وأراد أن يأكله النبي عليه السلام فخرج واشتراه من السائل ، ثم رجع السائل ففعل ذلك ثلاث مرات ، وكان يعطيه النبي عليه السلام إلى أن قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أسائل أنت أم بائع ؟ فنزل : ( وأما السائل فلا تنهر ) .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية