الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : ولأمنينهم ؛ أي : أجمع لهم مع الإضلال أن أوهمهم أنهم ينالون من الآخرة حظا؛ كما قال : وزين لهم الشيطان أعمالهم

                                                                                                                                                                                                                                        ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ؛ كأنه - والله أعلم - : ولآمرنهم بتبتيك آذان الأنعام فليبتكن؛ أي : يشققن؛ يقال : " بتكت الشيء؛ أبتكه؛ بتكا " ؛ إذا قطعته؛ و " بتكة " ؛ و " بتك " ؛ مثل " قطعة " ؛ و " قطع " ؛ وهذا في البحيرة؛ كانت الجاهلية إذا ولدت الناقة خمسة أبطن فكان الخامس ذكرا؛ شقوا أذن الناقة؛ وامتنعوا من الانتفاع بها؛ ولم تطرد عن ماء؛ [ ص: 110 ] ولا مرعى؛ وإذا لقيها المعيا لم يركبها؛ فهذا تأويل " فليبتكن آذان الأنعام " ؛ سول لهم إبليس أن في تركها لا ينتفع بها قربة إلى الله؛ ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ؛ قيل : إن معناه أن الله خلق الأنعام ليركبوها؛ ويأكلوها؛ فحرموها على أنفسهم؛ وخلق الشمس؛ والقمر؛ والأرض؛ والحجارة؛ سخرة للناس؛ ينتفعون بها؛ فعبدها المشركون؛ فغيروا خلق الله؛ أي : دين الله؛ لأن الله فطر الخلق على الإسلام؛ خلقهم من بطن آدم كالذر؛ وأشهدهم أنه ربهم؛ فآمنوا؛ فمن كفر فقد غير فطرة الله التي فطر الناس عليها؛ فأما قوله : لا تبديل لخلق الله ؛ فإن معناه : ما خلقه الله هو الصحيح؛ لا يقدر أحد أن يبدل معنى صحة الدين؛ وقال بعضهم : فليغيرن خلق الله ؛ هو الخصاء؛ لأن الذي يخصي الفحل قد غير خلق الله؛ ومعنى إن يدعون من دونه إلا إناثا ؛ أي : ما يعبدون إلا ما قد سموه باسم الإناث؛ يعنى به المشركون؛ سموا الأصنام " اللات " ؛ و " العزى " ؛ و " مناة " ؛ وما أشبهه؛ وقيل : إن معنى قوله : " إن يدعون من دونه إلا إناثا " : أي : مواتا؛ والموات كلها يخبر عنها كما يخبر عن المؤنث؛ تقول من ذلك : " هذه الأحجار تعجبني " ؛ ولا تقول : يعجبونني؛ وكذلك " الدراهم تنفعني " ؛

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية