الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 529 ] ومن ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا ففيه غرة خمسون دينارا على العاقلة ذكرا كان أو أنثى ، وإن ألقته حيا ثم مات ففيه الدية على العاقلة وعليه الكفارة ، وإن ألقته ميتا ثم ماتت ففيه ديتها والغرة ، وإن ماتت ثم ألقته ميتا ففيها الدية ولا شيء فيه ، وإن ماتت ثم خرج حيا ثم مات فديتان ، فإن ألقت جنينين ميتين ففيهما غرتان ، فإن ألقت أحدهما ميتا والآخر حيا ثم مات ففي الميت الغرة وفي الحي دية كاملة ، وتجب الغرة في سنة واحدة ، وإن استبان بعض خلقه ولم يتم ففيه الغرة ولا كفارة في الجنين ، وما يجب فيه موروث عنه ، وفي جنين الأمة نصف عشر قيمته لو كان حيا إن كان ذكرا ، وعشر قيمته لو كان أنثى .

[ ص: 529 ]

التالي السابق


[ ص: 529 ] فصل

[ من ضرب بطن امرأة ]

( ومن ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا ففيه غرة خمسون دينارا على العاقلة ذكرا كان أو أنثى ) والقياس أن لا يجب فيه شيء لأنه لا يعلم حياته ، والظاهر لا يصلح للإلزام إلا أنا تركنا القياس ، لما روي : " أن امرأة ضربت بطن ضرتها بعمود فسطاط فألقت جنينا ميتا ، فاختصما إلى رسول الله - عليه الصلاة والسلام - فحكم على عاقلة الضاربة بالغرة عبدا أو أمة أو قيمتها خمسمائة " ، وفي رواية : " أو خمسمائة " ، ولم يستفسر ذكرا كان أو أنثى ، ولأنه يتعذر التمييز بين الذكر والأنثى في الجنين فيسقط اعتباره دفعا للحرج ، وفي رواية : " فألقت جنينا ميتا وماتت ، فقضى النبي - عليه الصلاة والسلام - على عاقلة الضاربة بالدية وبغرة الجنين " ، رواه المغيرة وقال : فقام عم الجنين فقال : إنه قد أشعر ، وقام والد الضاربة - وفي رواية أخوها عمران بن عويمر الأسلمي - فقال : كيف ندي من لا أكل ولا شرب ولا صاح ولا استهل ودم مثل ذلك يطل ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : " أسجع كسجع الكهان فيه غرة عبد أو أمة " ، وكذلك رواه محمد بن مسلمة .

قال : ( وإن ألقته حيا ثم مات ففيه الدية على العاقلة وعليه الكفارة ) لأنه صار قاتلا .

( وإن ألقته ميتا ثم ماتت ففيه ديتها والغرة ) لما روينا .

( وإن ماتت ثم ألقته ميتا ففيها الدية ولا شيء فيه ) ; لأن موتها سبب لموته لأنه يختنق بموتها فإنه إنما يتنفس بنفسها واحتمل موته بالضربة فلا تجب الغرة بالشك .

[ ص: 530 ] .

( وإن ماتت ثم خرج حيا ثم مات فديتان ) لأنه قتل نفسين .

( فإن ألقت جنينين ميتين ففيهما غرتان ) لأنه - عليه الصلاة والسلام - قضى في الجنين بغرة فيكون في الجنينين غرتان ، ولأن من أتلف شخصين بضربة واحدة ضمن كل واحد منهما كالكبيرين .

( فإن ألقت أحدهما ميتا والآخر حيا ثم مات ففي الميت الغرة وفي الحي دية كاملة ) اعتبارا لهما بحالة الانفراد .

( وتجب الغرة في سنة واحدة ) هكذا روي عن النبي - عليه الصلاة والسلام - .

( وإن استبان بعض خلقه ولم يتم ففيه الغرة ) لأنا نعلم أنه ولد فكان كالكامل ، والنبي - عليه الصلاة والسلام - قضى في الجنين بالغرة ولم يفصل ولم يسأل .

قال : ( ولا كفارة في الجنين ) لأن القتل غير متحقق لجواز أن لا حياة فيه ، وقد بينا أن ما وجب فيه على خلاف القياس بالنص ، ولأنه ورد في الغرة لا غير ، والكفارات طريقها التوقيف أو الاتفاق .

قال : ( وما يجب فيه موروث عنه ) لأنه بدل عن نفسه فيورث كالدية ولا يرث الضارب منها لأنه قاتل .

قال : ( وفي جنين الأمة نصف عشر قيمته لو كان حيا إن كان ذكرا ، وعشر قيمته لو كان أنثى ) لأن الواجب في جنين الحرة خمسمائة ، وهي نصف عشر الدية ، والدية من الحرة كالقيمة من العبد فيعتبر به ، وغرة الجنين في مال الضارب ; لأن العاقلة لا تعقل العبيد . وفي الفتاوى : معتدة حامل احتالت لانقضاء عدتها بإسقاط الحمل فعليها الغرة للزوج ولا ترث منه ، وقد مر الوجه فيه .




الخدمات العلمية