الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 294 ] كتاب القسمة الثاني ما جاء في الشريكين يقتسمان فيجد أحدهما بحصته عيبا أو ببعضها قلت : فلو أن شريكين اقتسما دورا أو رقيقا أو أرضا أو عروضا ، فأصاب أحدهما بعبد من العبيد عيبا أو ببعض الدور أو ببعض العروض التي صارت في حظه عيبا ، كيف يصنع في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أرى ذلك مثل البيوع والدور ليس فيها فوت ، فإن كان الذي وجد فيه العيب ، هو وجه ما أخذ في نصيبه وكثرته ، رد ذلك كله ورجع على حقه وردت القسمة ، إلا أن يفوت ما في يدي صاحبه ببيع أو هبة أو حبس أو صدقة أو هدم يكون قد هدم داره فبناها فهذا عند مالك كله فوت . قال : فإن فاتت في يد هذا ، وأصاب هذا الآخر عيبا فإنه يردها ويأخذ من الذي فاتت الدور في يديه نصف قيمة الدور يوم قبضها ، وتكون هذه الدور التي ردها صاحبها بالعيب بينهما ، وإن كانت لم تفت ردت وكانت بينهما على حالها ، واختلاف الأسواق عند مالك ليس بفوت في الدور .

                                                                                                                                                                                      قلت : وإن كان الذي وجد به العيب أقل مما في يديه من الذي صار له رده ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : إذا كان الذي وجد به العيب أقل مما في يديه من ذلك ، وليس من أجله اشتراه ; رده ونظر إليه كم هو مما اشترى ، فإن كان السبع أو الثمن رجع إلى قيمة ما في يدي أصحابه وأخذ منهم قيمة نصف سبع ذلك أو نصف ثمنه ذهبا أو ورقا ، ولم يرجع بشيء مما في أيديهم .

                                                                                                                                                                                      قال مالك في الرجل يبيع الدار ثم يجد المشتري بها عيبا ، أو يستحق منها شيء ، قال : إن كان الذي وجد به عيبا واستحق من الدار الشيء التافه ، مثل البيت يكون في الدار العظيمة أو النخلات تكون في النخل الكثيرة ، فإن ذلك يرجع بحصته من الثمن ويلزمه البيع فيما بقي ، وإن كان جل ذلك رده . فكذلك القسمة والدار الواحدة والدور الكثيرة إذا أصاب بها عيبا ، سواء على ما فسرت لك ، إن كان الذي أصاب العيب يسيرا رد ذلك الذي [ ص: 295 ] أصاب به العيب بحصته من الثمن ، ويلزمه ما بقي ويرجع على صاحبه بالذي يصيبه من قيمة ما بقي في يده ، ولا يرجع عليه في شيء مما في يديه فيشاركه فيه ، فإنما له قيمة ذلك ذهبا أو ورقا ، كان حظ صاحبه قائما أو فائتا .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكذلك لو اقتسماه فأخذ أحدهما في حظه نخلا ودورا ورقيقا وحيوانا ، وأخذ الآخر في حظه بزا وعطرا وجوهرا ، تراضيا بذلك فأصاب أحدهما في بعض ما صار له عيبا ، فأصاب ذلك في الجوهر وحده أو في بعض العطر ، أيكون له أن يرد جميع ما صار له في نصيبه ، أو يرد هذا الذي أصاب به العيب وحده ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ينظر في ذلك ، فإن كان الذي أصاب به العيب هو وجه ما صار له ; رد جميعه بحال ما وصفت لك ، وإن لم يكن ذلك رد ذلك وحده بعينه بحال ما وصفت لك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية