الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الأولى : حروف الجر يسميها الكوفيون الصفات لنيابتها عن الصفات ويجوزون دخول بعضها على بعض . أي : أن هذا الحرف بمعنى حرف كذا . ومنع البصريون ذلك وعدلوا عنه إلى تضمين الفعل معنى فعل آخر إبقاء للفظ الحرف على حقيقته ، وكأنهم رأوا التجوز في الفعل أخف من التجوز في الحرف . والكوفيون عكسوا ذلك ، وقال ابن السيد : في القولين جميعا نظر ; لأن من أجاز مطلقا يلزمه أن يجيز سرت إلى زيد . يريد مع زيد ، ومن منع مطلقا لزمه أن يتعسف في التأويل الكثير . فالحق : أنه موقوف على السماع ، وغير جائز في القياس . ثم ذكر ما حاصله يرجع إلى التضمين هو تضمين الحرف معنى آخر ليفيد المعنيين كقوله :

                                                      إذا رضيت علي بنو قشير لعمر الله أعجبني رضاها

                                                      قيل : إنما عدي رضي بعلي ; لأنه بمعنى أقبلت : وقال أبو الفتح بن دقيق العيد : المانعون إنما يمنعون الاستعمال حقيقة ومجازا ، أو حقيقة فقط ، والمجوزون إما أن يدعوا في الاستعمال الحقيقة فيه أو يقولوا بالمجاز فيه . فإن ادعى المانعون العموم بالنسبة إلى الحقيقة والمجاز لم يصح ; لأنهم إذا ردوا [ ص: 250 ] على المجيزين جعلوا مدلول اللفظ حقيقة معنى من المعاني ، ثم ردوا الاستعمال الذي يذكره المجوزون بالتأويل إلى ذلك المعنى ، وهو يقرب المجاز ، فعلى هذا يؤول تصرف البصريين إلى المجاز أيضا ويرجع الخلاف في ترجيح أحد المجازين على الآخر لا في المنع من الاستعمال أو الحمل أو الجواز فيهما ، وإن كان الكوفيون يرون الاستعمال في هذه المعاني التي يوردونها حقيقة . والبصريون يقولون : مجاز ، فالمجاز خير من الاشتراك ، والاشتراك لازم على هذا القول لاتفاق الفريقين على استعمال اللفظ في معنى حقيقة ، والكوفيون على هذا التقدير يرون استعماله في معاني حقيقة ، فيلزم الاشتراك على هذا التقدير قطعا . قال : ولست أذكر التصريح من مذهب المجوزين في أنه حقيقة ، وإنما المشهور قولهم : ويكون كذا بمعنى كذا ، وليس فيه دليل على أنه حقيقة فيه .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية