الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فصل ) في تملكها وغرمها وما يتبعها ( إذا عرف اللقطة ) بعد قصده تملكها ( سنة ) أو دونها في الحقير جاز له تملكها ولو هاشميا أو فقيرا إلا في صور مرت كأن أخذ للخيانة أو أعرض عنه أو كانت أمة تحل له ، وقول الزركشي : ينبغي أن يعرفها ثم تباع ويتملك ثمنها نظير ما مر فيما يتسارع فساده مردود ، إذ الفرق بينهما أن هذا مانعه عرضي وهي مانعها ذاتي يتعلق بالبضع فاختص بمزيد احتياط وإذا أراده ( لم يملكها حتى يختاره بلفظ ) من ناطق صريح فيه [ ص: 443 ] ( كتملكت ) أو كناية مع النية كما هو قياس سائر الأبواب ( ونحوه ) كأخذته أو إشارة أخرس مفهمة كما قالهالزركشي ، وبحث النجم ابن الرفعة أنه لا بد في الاختصاص الذي كان لغيره أن ينقله لنفسه ( وقيل : تكفي النية ) أي تجديد قصد التملك لانتفاء المعاوضة والإيجاب ( وقيل يملكها بمضي السنة ) بعد التعريف اكتفاء بقصد التملك السابق ، وقول الشارح فمن التقط للحفظ دائما وقلنا بوجوب التعريف وعرف سنة فبدا له التملك لا يأتي فيه هذا الوجه كما صرح به الإمام والغزالي في البسيط ، وإن لم توجب التعريف عليه فعرف ثم بدا له قصد التملك لا يعتد بما عرف من قبل يقتضي بظاهره أنه لو عرفه مدة قبل قصد تملكه ثم قصده اعتد بما مضى ، وبنى عليه على القول الراجح وهو وجوب التعريف والمعتمد الاستئناف فيه أيضا ( فإن تملكها ) أي اللقطة ولم يظهر مالكها فلا مطالبة بها في الآخرة لأنها من كسبه كما في شرح مسلم أو ( فظهر المالك ) وهي باقية بحالها ( واتفقا على رد عينها ) أو بدلها ( فذاك ) ظاهر إذ الحق لهما لا يعدوهما ، ويجب على الملتقط ردها لمالكها إذا علمه ولما يتعلق بها حق لازم [ ص: 444 ] قبل طلبه كما قاله الرافعي في باب الوديعة ومؤنة الرد عليه ، فإن ردها قبل تملكها فمؤنته على مالكها كما قاله .

                                                                                                                            الماوردي ، ويردها بزيادتها المتصلة لا المنفصلة إن حدثت بعد التملك ، وإلا رجع فيها لحدوثها بملكه ( وإن أرادها المالك وأراد الملتقط العدول إلى بدلها أجيب المالك في الأصح ) كالقرض ، ومن ثم لو تعلق بها حق لازم تعين البدل ، فإن لم يتنازعا وردها سليمة لزمه القبول .

                                                                                                                            والثاني يجاب الملتقط لأنه ملكها كما قيل به في القرض ، فلو ظهر مالكها بعد بيع الملتقط لها وقبل لزوم العقد بأن كان في زمن خيار لم يختص بالمشتري فله الفسخ وأخذها كما جزم به ابن المقري ، ويوافقه قول الماوردي للبائع الرجوع في المبيع ( إذا باعه المشتري وحجر عليه آبقي في زمن الخيار ) ، والفرق بينهما بأن الحجر ثم مقتض للتفويت بخلافه هنا غير مؤثر ، والأوجه أن الملتقط لا يجبر على الفسخ لكن قضية كلام الرافعي ترجيح انفساخه إن لم يفسخه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في تملكها وغرمها ( قوله : بعد قصده تملكها ) قضية التقييد بما ذكر أنه إذا أخذ لا بقصد حفظ ولا تملك ثم عرف قبل قصد التملك لا يعتد بتعريفه .

                                                                                                                            ( قوله : أو أعرض عنه ) قال في شرح الروض : ولو دفعها للحاكم وترك تعريفها وتملكها ثم استقال : أي طلب من الحاكم إقالته منها ليعرفها ويتملكها منع من ذلك لأنه أسقط حقه ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقد تقدم التصريح بذلك في قول الشارح وقد يمتنع التملك كالبعير المقلد وكما لو دفعها للقاضي معرضا إلخ .

                                                                                                                            ( قوله : ينبغي أن يعرفها ) أي الأمة التي تحل له [ ص: 443 ]

                                                                                                                            ( قوله : كتملكت ) هل يشترط في صحة التملك معرفتها حتى لو جهلت له لم يصح فيه نظر فليراجع ، ولا يبعد الاشتراط وهي نظير القرض بل قالوا إن ملكها ملك قرض فلينظر هل يملك القرض المجهول م ر .

                                                                                                                            [ فرع ] قال في شرح الروض والظاهر أن ولد اللقطة كاللقطة إن كانت حاملا به عند التقاطها وانفصل منها قبل تملكها ويملكه تبعا لأمه ، وعليه يحمل قول من قال : إنه يملك بعد التعريف لأمه : أي ويتملكها ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول : قول سم ولا يبعد الاشتراط قد يستفاد الاشتراط من قول الشارح السابق أما عند تملكها فالأوجه وجوب معرفة ذلك ليعلم ما يرده لمالكها لو ظهر ، وقوله أيضا هل يملك القرض المجهول .

                                                                                                                            أقول : الظاهر أنه لا يملك القرض المجهول لتعذر رد مثله مع الجهل ، وقضية قوله وانفصل منها قبل تملكها أنها لو حملت به بعد الالتقاط وانفصل قبل التملك أنه لا يملكه تبعا لأمه ، وعليه فينبغي أن المراد أنه لا يملكه بتملك أمه بل يتوقف على تملك له بخصوصه ، وينبغي أيضا أن ما حملت به بعد الالتقاط ولم ينفصل قبل التملك أنه يتبعها في التملك كما يتبعها في البيع .

                                                                                                                            ( قوله : كان لغيره أن ينقله ) أي بأن يقول نقلت الاختصاص به إلي ( قوله : فلا مطالبة إلخ ) لو تملك ما يسرع فساده في الحال وأكله ثم عرفه ولم يتملك القيمة هل تسقط المطالبة أيضا في الآخرة أو لا فيه نظر ، ويتجه الثاني ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقال شيخنا الزيادي بعد مثل ما ذكره الشارح : وينبغي أن يكون محله إذا غرم على ردها أو رد بدلها إذا ظهر مالكها ، وقضية كلام الشارح أنه لا فرق وقد يوجه بأنه حيث أتى بما وجب عليه من التعريف وتملك صارت عن جملة أكسابه ، وعدم نيته ردها إلى مالكها لا يزيل ملكه وإن أثم به ، وعلى ما قاله شيخنا فينبغي أن يلحق به ما لو لم يقصد ردا ولا عدمه .

                                                                                                                            ( قوله : وهي باقية بحالها ) لو كان زال ملكه عنها ثم عاد فالمتجه أنه كما لو لم يزل م ر ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            ( قوله : أو بدلها ) هل يشترط إيجاب وقبول بالقياس الاشتراط إن كان الملك ينتقض بمجرد ظهور المالك ، ويدل على انتقاض الملك بمجرد ظهور المالك وجوب الرد للمالك حيث علم قبل طلبه ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقد يقال : قوله إن كان الملك ينتقض إلخ إنما يقتضي عدم الاشتراط فليراجع من نسخة صحيحة [ ص: 444 ] فلعله لا ينتقض ( قوله : ومؤنة الرد عليه ) أي الملتقط ( قوله : ويردها بزيادتها المتصلة ) قال في شرح الروض : وإن حدثت بعد التملك تبعا للأصل بل لو حدثت قبله ثم انفصلت ردها كنظيره من الرد بالعيب ، فلو التقط حائلا فحملت قبل تملكها ثم ولدت رد الولد مع الأم ا هـ .

                                                                                                                            [ تنبيه ] هل يجب تعريف هذا الولد بعد انفصاله مع الأم أو لا لأنه لم يلتقطه ، وعلى الأول فهل يكفي ما بقي من تعريف الأم ؟ فيه نظر ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول : نعم يكفي ما بقي من تعريف الأم لأنه تابع ، وبقي ما لو انفصل بعد تمام التعريف وقبل التملك فهل يسقط التعريف ؟ فيه نظر ، والظاهر سقوطه اكتفاء بما سبق من تعريف الأم .

                                                                                                                            ( قوله : وإلا رجع ) أي المالك ، وقوله لزمه : أي المالك ، وقوله لم يختص بالمشتري : أي بأن كان للبائع أو لهما ، وقوله فله : أي المالك .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( فصل ) في تملكها وغرمها ( قوله : ولو هاشميا ) أي : ولا يقال إنه يمتنع عليه لاحتمال أنها من صدقة فرض ، وقوله : أو فقيرا : أي ولا يقال [ ص: 443 ] إن الفقير لا يقدر على بدلها عند ظهور مالكها هكذا ظهر فليراجع . ( قوله : أن ينقله لنفسه ) أي بلفظ وعبارة التحفة ، وبحث ابن الرفعة أنه لا بد في الاختصاص ككلب وخمر محترمين من لفظ يدل على نقل الاختصاص ، الذي كان لغيره لنفسه انتهت . ( قوله : يقتضي بظاهره ) يعني كلامه الأخير حيث قيد فيه الحكم بما إذا لم نوجب التعريف عليه [ ص: 444 ] قوله : قبل طلبه ) متعلق بقوله ردها وكان الأولى تقديمه على قوله ولم يتعلق إلخ




                                                                                                                            الخدمات العلمية