ولما كان من رجا ملكا عمل بما يرضيه. ومن خافه تجنب ما يسخطه، نبههم على ذلك بالإشارة إلى الجلال الموجب للتوقير والجمال بالإحسان إلى الخلق، مصرحا لهم بالترغيب ملوحا إلى الترهيب، فقال مستأنفا في جواب من يقول منهم: هل بقي شيء من قولك؟ :
nindex.php?page=treesubj&link=19995_32022_33953_29042nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13ما أي أي شيء يحصل
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13لكم حال كونكم
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13لا ترجون أي تكونون في وقت من الأوقات على حال تؤملون بها، وبين فاعل الوقار ومبدعه بتقديمه، فإنه لو أخره لكان ل "وقارا" فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13لله أي الملك الذي له الأمر كله
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13وقارا أي ثوابا يوقركم فيه ولو قل، فإن قليله أكثر من كثير غيره، ولا تخافون له إهانة بالعقاب بأن تعلموا أنه لا بد من أن يحاسبكم بعد البعث فيثيب الطائع ويعاقب العاصي،
[ ص: 440 ] كما هي عادة كل أحد مع من تحت يده، فتوقروا رسله بتصديقهم فتؤمنوا وتعملوا، فإن من أراد من أحد أنه يوقره وقره وعظمه ليجازيه على ذلك، فإن الجزاء من جنس العمل، وذلك إنما يكون بمعرفة الله بما له من الجلال والجمال، والخلق إنما تفاضلوا بالمعرفة بالله، لا بالأعمال، إنما سبق
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه الناس بشيء وقر في صدره، فإن بالمعرفة تزكو الأعمال وتصلح الأقوال، وإنما يصح تعظيمه سبحانه بأن لا ترى لك عليه حقا، ولا تنازع له اختيارا، وتعظم أمره ونهيه، بعدم المعارضة بترخيص جاف أو تشديد غال أو حمل على توهم الانقياد، وتعظم حكمه بأن لا تبغي له عوجا ولا تدافعه بعلم، ولا ينبغي له غرض وعلة، ولأجل أن المطلوب تحصيل الأعمال التي هي أسباب ظاهرية، عبر بالرجاء ليسرهم بأن أعمالهم مؤثرة، وعبر بالطمع في غير هذه الآية [ تنبيها -] على أنه لا سبب في الحقيقة إلا رحمة الله لحال دعاء إلى ذلك.
وَلَمَّا كَانَ مَنْ رَجَا مَلِكًا عَمِلَ بِمَا يُرْضِيهِ. وَمَنْ خَافَهُ تَجَنَّبَ مَا يُسْخِطُهُ، نَبَّهَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ إِلَى الْجَلَالِ الْمُوجِبِ لِلتَّوْقِيرِ وَالْجَمَالِ بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْخُلُقِ، مُصَرِّحًا لَهُمْ بِالتَّرْغِيبِ مُلَوِّحًا إِلَى التَّرْهِيبِ، فَقَالَ مُسْتَأْنِفًا فِي جَوَابِ مَنْ يَقُولُ مِنْهُمْ: هَلْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ قَوْلِكَ؟ :
nindex.php?page=treesubj&link=19995_32022_33953_29042nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13مَا أَيْ أَيُّ شَيْءٍ يَحْصُلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13لَكُمْ حَالَ كَوْنِكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13لا تَرْجُونَ أَيْ تَكُونُونَ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ عَلَى حَالٍ تُؤَمِّلُونَ بِهَا، وَبَيْنَ فَاعِلِ الْوَقَارِ وَمُبْدِعِهِ بِتَقْدِيمِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَخَّرَهُ لَكَانَ لِ "وَقَارًا" فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13لِلَّهِ أَيِ الْمَلِكِ الَّذِي لَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13وَقَارًا أَيْ ثَوَابًا يُوَقِّرُكُمْ فِيهِ وَلَوْ قَلَّ، فَإِنَّ قَلِيلَهُ أَكْثَرُ مِنْ كَثِيرِ غَيْرِهِ، وَلَا تَخَافُونَ لَهُ إِهَانَةً بِالْعِقَابِ بِأَنْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُحَاسِبَكُمْ بَعْدَ الْبَعْثِ فَيُثِيبُ الطَّائِعَ وَيُعَاقِبُ الْعَاصِيَ،
[ ص: 440 ] كَمَا هِيَ عَادَةُ كُلِّ أَحَدٍ مَعَ مَنْ تَحْتَ يَدِهِ، فَتُوَقِّرُوا رُسُلَهُ بِتَصْدِيقِهِمْ فَتُؤْمِنُوا وَتَعْمَلُوا، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ مَنْ أَحَدٍ أَنَّهُ يُوَقِّرُهُ وَقَّرَهُ وَعَظَّمَهُ لِيُجَازِيهِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ بِمَا لَهُ مِنَ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ، وَالْخُلُقِ إِنَّمَا تُفَاضِلُوا بِالْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ، لَا بِالْأَعْمَالِ، إِنَّمَا سَبَقَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاسَ بِشَيْءٍ وَقَرَ فِي صَدْرِهِ، فَإِنَّ بِالْمَعْرِفَةِ تَزْكُو الْأَعْمَالُ وَتَصْلُحُ الْأَقْوَالُ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ تَعْظِيمُهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْ لَا تَرَى لَكَ عَلَيْهِ حَقًّا، وَلَا تَنَازَعَ لَهُ اخْتِيَارًا، وَتَعَظَّمَ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ، بِعَدَمِ الْمُعَارَضَةِ بِتَرْخِيصٍ جَافٍّ أَوْ تَشْدِيدٍ غَالٍ أَوْ حَمْلٍ عَلَى تَوَهُّمِ الِانْقِيَادِ، وَتَعَظَّمَ حُكْمُهُ بِأَنْ لَا تَبْغِي لَهُ عِوَجًا وَلَا تُدَافِعُهُ بِعِلْمٍ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ غَرَضٌ وَعِلَّةٌ، وَلِأَجْلِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَحْصِيلُ الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ أَسْبَابٌ ظَاهِرِيَّةٌ، عَبَّرَ بِالرَّجَاءِ لِيُسِرَّهُمْ بِأَنَّ أَعْمَالَهُمْ مُؤَثِّرَةٌ، وَعَبَّرَ بِالطَّمَعِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ [ تَنْبِيهًا -] عَلَى أَنَّهُ لَا سَبَبَ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا رَحْمَةُ اللَّهِ لِحَالِ دُعَاءٍ إِلَى ذَلِكَ.