الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ويحلفون بالله إنهم لمنكم [ ص: 372 ] وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم فيه خمسة أقاويل: أحدها: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة ، قاله ابن عباس وقتادة ويكون فيه تقديم وتأخير. والثاني: إنما يريد الله ليعذبهم بما فرضه من الزكاة في أموالهم ، يعني المنافقين. وهذا قول الحسن . والثالث: ليعذبهم بمصائبهم في أموالهم أولادهم ، قاله ابن زيد . والرابع: ليعذبهم ببني أولادهم وغنيمة أموالهم ، يعني المشركين ، قاله بعض المتأخرين. والخامس: يعذبهم بجمعها وحفظها وحبها والبخل بها والحزن عليها ، وكل هذا عذاب. وتزهق أنفسهم أي تهلك بشدة ، من قوله تعالى: وقل جاء الحق وزهق الباطل [الإسراء: 81] . قوله عز وجل: لو يجدون ملجأ أو مغارات الآية ، أما الملجأ ففيه أربعة أوجه: أحدها: أنه الحرز ، قاله ابن عباس . والثاني: الحصن ، قاله قتادة . والثالث: الموضع الحريز من الجبل ، قاله الطبري. والرابع: المهرب ، قاله السدي . ومعاني هذه كلها متقاربة. وأما المغارات ففيها وجهان: [ ص: 373 ] أحدهما: أنها الغيران في الجبال ، قاله ابن عباس . والثاني: المدخل الساتر لمن دخل فيه ، قاله علي بن عيسى. وأما المدخل ففيه وجهان: أحدهما: أنه السرب في الأرض ، قاله الطبري. والثاني: أنه المدخل الضيق الذي يدخل فيه بشدة. لولوا إليه يعني هربا من القتال وخذلانا للمؤمنين. وهم يجمحون أي يسرعون ، قال مهلهل:


                                                                                                                                                                                                                                        لقد جمحت جماحا في دمائهم حتى رأيت ذوي أحسابهم خمدوا

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية