الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا في سبب نزولها: أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنها نزلت في رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة ، فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد ، وقال المنافق: بل إلى كعب بن الأشرف ، فأبى اليهودي ، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقضى لليهودي ، فلما خرجا ، قال المنافق: ننطلق إلى عمر بن الخطاب ، فأقبلا إليه ، فقصا عليه القصة ، فقال: رويدا حتى أخرج إليكما ، فدخل البيت ، فاشتمل على السيف ، ثم خرج ، فضرب به المنافق [ ص: 119 ] حتى برد ، وقال: هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء الله ورسوله ، فنزلت هذه الآية . رواه أبو صالح ، عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن أبا بردة الأسلمي كان كاهنا يقضي بين اليهود ، فتنافر إليه ناس من المسلمين ، فنزلت هذه الآي ، رواه عكرمة ، عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أن يهوديا ومنافقا كانت بينهما خصومة ، فدعا اليهودي المنافق إلى النبي ، لأنه لا يأخذ الرشوة ، ودعا المنافق إلى حكامهم ، لأنهم يأخذون الرشوة ، فلما اختلفا ، اجتمعا أن يحكما كاهنا ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول الشعبي .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: أن رجلا من بني النضير قتل رجلا من بني قريظة ، فاختصموا ، فقال المنافقون منهم: انطلقوا إلى أبي بردة الكاهن ، فقال المسلمون من الفريقين: [ ص: 120 ] بل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأبى المنافقون ، فانطلقوا إلى الكاهن ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول السدي .

                                                                                                                                                                                                                                      والزعم والزعم لغتان ، وأكثر ما يستعمل في قول ما لا تتحقق صحته ، وفي ( الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليه وما أنزل من قبله ) قولان . أحدهما: أنه المنافق . والثاني: أن الذي زعم أنه آمن بما أنزل إليه المنافق ، والذي زعم أنه آمن بما أنزل من قبله اليهودي . والطاغوت: كعب بن الأشرف ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، والربيع ، ومقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وقد أمروا أن يكفروا به قال مقاتل: أن يتبرؤوا من الكهنة ، و"الضلال البعيد": الطويل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية