الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2645 11- باب علام يقاتل ؟

                                                              285 \ 2530 - وعن جرير بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم، فاعتصم ناس منهم بالسجود، فأسرع فيهم القتل، قال: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر لهم بنصف العقل، وقال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين "، قالوا: يا رسول الله، لم؟ قال: " لا ترايا ناراهما ".

                                                              وأخرجه الترمذي والنسائي. وذكر أبو داود أن جماعة رووه مرسلا.

                                                              [ ص: 239 ] وأخرجه الترمذي أيضا مرسلا، وقال: هذا أصح، وذكر أن أكثر أصحاب إسماعيل بن أبي خالد لم يذكروا فيه جريرا، وذكر عن البخاري أنه قال: الصحيح مرسل. ولم يخرجه النسائي إلا مرسلا.

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: قال بعض أهل العلم: إنما أمر لهم بنصف العقل بعد علمه بإسلامهم؛ لأنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين ظهراني الكفار، فكانوا كمن هلك بجناية نفسه وجناية غيره.

                                                              وهذا حسن جدا.

                                                              وفيه دليل على أنه إذا كان أسيرا في أيديهم فأمكنه الخلاص بالانفلات منهم لم يحل له المقام معهم.

                                                              وقوله: " لا تترايا ناراهما" قيل: لا يستوي حكماهما. وقيل: إن الله تعالى قد فرق بين دار الإسلام ودار الكفر، فلا يجوز للمسلم أن يساكن الكفار حتى إذا أوقدوا نارا كان منهم بحيث يراها. وقيل: لا يتسم المسلم بسمة المشرك ولا يتشبه به في هديه وشكله. وقيل: لا يجتمعان في الآخرة. وفيه دليل على كراهية دخول المسلم دار الحرب للتجارة والمقام بها أكثر من ثلاثة أيام.

                                                              [ ص: 240 ] قال ابن القيم رحمه الله: والذي يظهر من معنى الحديث: أن النار هي شعار القوم النزول وعلامتهم، وهي تدعو إليهم، والطارق يأنس بها، فإذا ألم بها جاور أهلها وسالمهم.

                                                              فنار المشركين تدعو إلى الشيطان وإلى نار الآخرة، فإنها إنما توقد في معصية الله، ونار المؤمنين تدعو إلى الله وإلى طاعته وإعزاز دينه، فكيف تتفق الناران، وهذان شأنهما؟

                                                              وهذا من أفصح الكلام وأجزله، المشتمل على المعنى الكثير الجليل بأوجز عبارة.

                                                              وقد روى النسائي من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال " قلت يا رسول الله، ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عددهن لأصابع يديه - أن لا آتيك، ولا آتي دينك، وإني كنت امرأ لا أعقل شيئا إلا ما علمني الله ورسوله.

                                                              وإني أسألك بوجه الله: بم بعثك ربنا إلينا ؟ قال: بالإسلام.

                                                              قلت: وما آيات الإسلام ؟ قال: أن تقول: أسلمت وجهي إلى الله وتخليت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة.

                                                              كل مسلم على مسلم محرم، أخوان نصيران، لا يقبل الله من مشرك بعد ما يسلم عملا، أو يفارق المشركين إلى [ ص: 241 ] المسلمين
                                                              ".

                                                              وقد ذكر أبو داود من حديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله "

                                                              وفي المراسيل لأبي داود عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا تتركوا الذرية بإزاء العدو ".




                                                              الخدمات العلمية