الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              3225 [ ص: 479 ] 29 - باب: يعكفون على أصنام لهم [الأعراف: 138]

                                                                                                                                                                                                                              متبر [الأعراف: 139]: خسران وليتبروا [الإسراء: 7]: يدمروا ما علوا [الإسراء: 7]: غلبوا.

                                                                                                                                                                                                                              3406 - حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نجني الكباث، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " عليكم بالأسود منه، فإنه أطيبه". قالوا: أكنت ترعى الغنم قال: "وهل من نبي إلا وقد رعاها؟ ". 5453 - مسلم: 2050 - فتح: 6 \ 438]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث جابر: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نجني الكباث، وإنه - عليه السلام -قال: "عليكم بالأسود منه، فإنه أطيبه" قالوا: أكنت ترعى الغنم قال: "وهل من نبي إلا وقد رعاها؟ ".

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا في الأطعمة، والنسائي في الوليمة، وهذه الكينونة كانت بمر الظهران. كذا جاء في بعض الروايات.

                                                                                                                                                                                                                              وذكر البيهقي في "دلائله" معناه من حديث عتبة بن عبد السلمي.

                                                                                                                                                                                                                              و(الكباث): بكاف مفتوحة ثم باء موحدة مخففة ثم ألف ثم ثاء مثلثة: ثمر الأراك، وقيل: إذا نضج، والبرير ما لم ينضج، وقيل: الكباث الغض الطري، والبرير اسم للجمع. قال الهروي: هو النضيج من ثمر الأراك، وقيل: الغض منه، والنضيج يقال له: المرد، وعكس ذلك، واسمه كله البرير، وإذا رعته الظباء اسودت شفاهها. والأراك: [ ص: 480 ] هو الخمط. قال أبو زياد: يشبه التين يأكله الناس والإبل والغنم، وفيه حرارة. وقال أبو عمرو: (الكباث) حر مالح كأن فيه ملحا. وقال أبو عبيدة: هو ثمر الأراك إذا يبس، وليس له عجمة.

                                                                                                                                                                                                                              وفي "المحكم" قيل له: ثمر الأراك إذا كان متفرقا، واحده كباثة. وقال أبو حنيفة في كتابه: هو فوق حب الكزبرة، وعنقوده يملأ كفي الرجل، وإذا التقمه البعير فضل على لقمته.

                                                                                                                                                                                                                              ونقل النووي عن أهل اللغة: أنه النضيج منه. وقال القزاز: هو الغض منه، والنضيج يقال له: المرد.

                                                                                                                                                                                                                              وقال صاحب "المطالع": هو حصرمه. وقال ابن خالويه في كتاب "ليس": ليس في كلام العرب من أسماء الكمأة إلا الذي أعرفك. فذكر (ثلاثة عشر) اسما وأهمل البدأة، ذكره كراع في "منضده" والعرجون ذكره القزاز. والفطر ذكره ابن سيده. وقال عبد اللطيف البغدادي: روي (أن) الكمأة جدري الأرض وتسمى أيضا بنات الرعد; لأنها [ ص: 481 ] تكثر بكثرته وتنفطر عنها الأرض. ومعنى الحديث: أن الله لم يضع النبوة في الملوك وأبناء الدنيا المترفين، وإنما جعلها في رعاء الشاء وأهل التواضع من أصحاب الحرف، كما روي أن أيوب كان خياطا، وزكريا نجارا، وقد قص الله من نبإ موسى وشعيب واستئجاره إياه في رعي الغنم، والله أعلم حيث يجعل رسالاته.

                                                                                                                                                                                                                              والحكمة في رعايتهم: التدريج إلى سياسة العالم؛ إذ الرعي يقتضي مصلحة الغنم، ويقوم بكلفتها، ومن تدرب على هذا وأحكمه تمكن من سياسة الخلق ورحمتهم والرفق بهم، وخصت بالغنم لما فيها من السكينة وطلب العافية والتواضع، وهي صفات الأنبياء. قال - صلى الله عليه وسلم -: "السكينة في أهل الغنم".

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              كان جناؤهم للكباث أول الأمر عند تعذر الأقوات، فإذا أغنى الله عباده فلا حاجة بهم إليه.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              إن قلت: ما وجه مناسبة الحديث في الباب، فقد قال بعض شيوخنا: لا مناسبة؟

                                                                                                                                                                                                                              قلت: مناسبته ظاهرة؛ لدخول موسى فيمن رعى الغنم.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              معنى يعكفون يقيمون متبر مهلك أو مفسد.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 482 ]



                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية