الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أمر بطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ وذم من حاكم إلى غيره؛ وهدده؛ وختم تهديده بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعراض عنه؛ والوعظ له؛ فكان التقدير: "فما أرسلناك؛ وغيرك من الرسل؛ إلا للرفق بالأمة؛ والصفح عنهم؛ والدعاء لهم؛ على غاية الجهد والنصيحة"؛ عطف عليه قوله: وما أرسلنا ؛ أي: بما لنا من العظمة؛ ودل على الإعراق في الاستغراق بقوله: من رسول ؛ ولما كان ما يؤتيهم [ ص: 316 ] - سبحانه وتعالى - من الآيات؛ ويمنحهم به من المعجزات؛ حاملا في ذاته على الطاعة شبهه بالحامل على إرساله؛ فقال: إلا ليطاع ؛ أي: لأن منصبه الشريف مقتض لذلك؛ آمر به؛ داع إليه؛ بإذن الله ؛ أي: بعلم الملك الأعظم؛ الذي له الإحاطة بكل شيء في تمكينه من أن يطاع؛ لما جعلنا له من المزية بالصفات العظيمة؛ والمناصب الجليلة؛ والأخلاق الشريفة؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم - "ما من الأنبياء نبي إلا وقد أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر"؛ أخرجه الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان التقدير: "فلو أطاعوك لكان خيرا لهم"؛ عطف عليه قوله: ولو أنهم إذ ؛ أي: حين؛ ظلموا أنفسهم ؛ أي: بالتحاكم إلى الطاغوت؛ أو غيره؛ جاءوك ؛ أي: مبادرين؛ فاستغفروا الله ؛ أي: عقبوا مجيئهم بطلب المغفرة من الملك الأكرم؛ لما استحضروه له من الجلال؛ واستغفر لهم الرسول ؛ أي: ما فرطوا بعصيانه؛ فيما استحقه عليهم من الطاعة؛ لوجدوا الله ؛ أي: الملك الأعظم؛ توابا رحيما ؛ أي: بليغ التوبة على عبيده؛ والرحمة؛ لإحاطته بجميع صفات الكمال؛ فقبل توبتهم؛ ومحا ذنوبهم؛ وأكرمهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية