الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون في سبب نزولها قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنها نزلت في خصومة كانت بين الزبير وبين رجل من الأنصار في شراج الحرة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير: "اسق ثم أرسل إلى جارك" فغضب الأنصاري ، قال: يا رسول الله: إن كان ابن عمتك! فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال للزبير: "اسق يا زبير ، ثم احبس الماء حتى يبلغ الجدر" قال الزبير: فوالله ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك . أخرجه البخاري ، ومسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 124 ] والثاني: أنها نزلت في المنافق ، واليهودي اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف ، وقد سبقت قصتهما ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون أي: لا يكونون مؤمنين حتى يحكموك ، وقيل: "لا" رد لزعمهم أنهم مؤمنون ، والمعنى: فلا ، أي: ليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا ، وهم يخالفون حكمك ، ثم استأنف ، فقال: وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ، أي: فيما اختلفوا فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي "الحرج" قولان . أحدهما: أنه الشك ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي في آخرين . والثاني: الضيق ، قاله أبو عبيدة ، والزجاج . وفي قوله ويسلموا تسليما قولان . أحدهما: يسلموا لما أمرتهم به ، فلا يعارضونك ، هذا قول ابن عباس ، والزجاج ، والجمهور . والثاني: يسلموا ما تنازعوا فيه لحكمك ، ذكره الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية