الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              661 [ ص: 293 ] (باب فضل الصف المقدم ) .

                                                                                                                              وأورده النووي في الباب المتقدم.

                                                                                                                              (حديث الباب ) .

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 157 ج 4 المطبعة المصرية .

                                                                                                                              [عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم الناس ما في النداء، والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه. ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا" .] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح) .

                                                                                                                              (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء، والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ) عليه.

                                                                                                                              "النداء" هو الأذان. "والاستهام" الاقتراع. أي: لو علموا فضيلة الأذان وقدره، وعظيم جزائه، ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه، لضيق الوقت عن أذان بعد أذان، أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد؛ لاقترعوا في تحصيله.

                                                                                                                              [ ص: 294 ] ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة نحو ما سبق، وجاءوا إليه دفعة واحدة، وضاق عنهم الوقت، ثم لم يسمح بعضهم لبعض به، لاقترعوا عليه.

                                                                                                                              "وفيه" إثبات القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها، ويتنازع فيها. وسنة الاقتراع ثابتة في مسائل شتى.

                                                                                                                              ولكن صارت مهجورة منذ أزمان في الإسلام، حتى لا يعرفها ولا يعمل بها أحد من الأعيان.

                                                                                                                              فضلا عن من لا يعرفها. أو لا يقول بها تقليدا لزعمائه.

                                                                                                                              "ولو يعلمون ما في التهجير" وهو التبكير إلى الصلاة، أي صلاة كانت.

                                                                                                                              وخصه الخليل "بالجمعة". والصواب المشهور الأول.

                                                                                                                              "لاستبقوا إليه" وسارعوا نحوه، احتسابا وطلبا للأجر الموعود عليه.

                                                                                                                              "ولو يعلمون ما في العتمة، والصبح، لأتوهما ولو حبوا" بإسكان الباء.

                                                                                                                              قال النووي: وإنما ضبطته، لأني رأيت من الكبار من صحفه.

                                                                                                                              "فيه" الحث العظيم على حضور جماعة هاتين الصلاتين، والفضل الكثير في ذلك، لما فيهما من المشقة الزائدة على النفس؛ من تنغيص أول نومها وآخره.

                                                                                                                              ولهذا كانتا أثقل الصلاة على المنافقين.

                                                                                                                              [ ص: 295 ] وفي هذا الحديث تسمية العشاء: "عتمة". وقد ثبت النهي عنه فكانت بيانا للجواز، وأن النهي ليس للتحريم.

                                                                                                                              أو استعماله هنا لمصلحة، ونفي مفسدة؛ فاستعمل ما يعرفونه، ولا يشكون فيه. وقواعد الشرع متظاهرة على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما.

                                                                                                                              قال النووي: وهذا هو الأظهر.




                                                                                                                              الخدمات العلمية