الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عشش ]

                                                          عشش : عش الطائر : الذي يجمع من حطام العيدان وغيرها فيبيض فيه ، يكون في الجبل وغيره ، وقيل : هو في أفنان الشجر ، فإذا كان في جبل أو جدار ونحوهما فهو وكر ووكن ، وإذا كان في الأرض فهو أفحوص وأدحي ، وموضع كذا معشش الطيور ، وجمعه أعشاش وعشاش وعشوش وعششة ، قال رؤبة في العشوش :


                                                          لولا حباشات من التحبيش

                                                          لصبية كأفرخ العشوش

                                                          والعشعش : العش إذا تراكب بعضه على بعض . واعتش الطائر : اتخذ عشا ، قال يصف ناقة :


                                                          يتبعها ذو كدنة جرائض     لخشب الطلح هصور هائض
                                                          بحيث يعتش الغراب البائض

                                                          قال : البائض وهو ذكر ; لأن له شركة في البيض ، فهو في معنى الوالد . وعشش الطائر تعشيشا : كاعتش . وفي " التهذيب " : العش للغراب وغيره على الشجر إذا كثف وضخم . وفي المثل في خطبة جرير : ليس هذا بعشك فادرجي . أراد بعش الطائر ، يضرب مثلا لمن يرفع نفسه فوق قدره ، ولمن يتعرض إلى شيء ليس منه ، وللمطمئن في غير وقته فيؤمر بالجد والحركة ، ونحو منه : تلمس أعشاشك ، أي تلمس التجني والعلل في ذويك . وفي حديث أم زرع : ولا تملأ بيتنا تعشيشا أي : أنها لا تخوننا في طعامنا فتخبأ منه في هذه الزاوية وفي هذه الزاوية ، كالطيور إذا عششت في مواضع شتى ، وقيل : أرادت : لا تملأ بيتنا بالمزابل كأنه عش طائر ، ويروى بالغين المعجمة .

                                                          والعشة من الشجر : الدقيقة القضبان ، وقيل : هي المفترقة الأغصان التي لا تواري ما وراءها . والعشة أيضا من النخل : الصغيرة الرأس القليلة السعف ، والجمع عشاش . وقد عششت النخلة : قل سعفها ودق أسفلها ، ويقال لها العشة ، وقيل : شجرة عشة دقيقة القضبان لئيمة المنبت ، قال جرير :


                                                          فما شجرات عيصك في قريش     بعشات الفروع ولا ضواحي

                                                          ، وقيل : لرجل : ما فعل نخل بني فلان ؟ فقال : عشش أعلاه وصنبر أسفله ، والاسم العشش . والعشة : الأرض القليلة الشجر ، وقيل : الأرض الغليظة . وأعششنا : وقعنا في أرض عشة ، وقيل : أرض عشة ، قليلة الشجر في جلد عزاز وليس بجبل ولا رمل وهي لينة في ذلك . ورجل عش : دقيق عظام اليد والرجل . وقيل : هو دقيق عظام الذراعين والساقين ، والأنثى عشة ، قال :


                                                          لعمرك ما ليلى بورهاء عنفص     ولا عشة خلخالها يتقعقع

                                                          ، وقيل : العشة الطويلة القليلة اللحم ، وكذلك الرجل . وأطلق بعضهم العشة من النساء فقال : هي القليلة اللحم . وامرأة عشة : ضئيلة الخلق ، ورجل عش : مهزول ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          تضحك مني أن رأتني عشا     لبست عصرى عصر فامتشا
                                                          بشاشتي وعملا ففشا     وقد أراها وشواها الحمشا
                                                          ومشفرا إن نطقت أرشا     كمشفر الناب تلوك الفرشا

                                                          الفرش : الغمض من الأرض فيه العرفط والسلم ، وإذا أكلته الإبل أرخت أفواهها ، وناقة عشة بينة العشش والعشاشة والعشوشة ، وفرس عش القوائم : دقيق . وعش بدن الإنسان إذا ضمر ونحل ، وأعشه الله . والعش : الجمع والكسب . وعش المعروف يعشه عشا : قلله ، قال رؤبة :


                                                          حجاج ما نيلك بالمعشوش

                                                          وسقى سجلا عشا ، أي قليلا نزرا ، وأنشد :


                                                          يسقين لا عشا ولا مصردا

                                                          وعشش الخبز : يبس وتكرج ، فهو معشش . وأعشه عن حاجته : أعجله . وأعش القوم وأعش بهم : أعجلهم عن أمرهم ، وكذلك إذا نزل بهم على كره حتى يتحولوا من أجله ، وكذلك أعششت ، قال [ ص: 161 ] الفرزدق يصف القطاة :


                                                          وصادقة ما خبرت قد بعثتها     طروقا وباقي الليل في الأرض مسدف
                                                          ولو تركت نامت ولكن أعشها     أذى من قلاص كالحني المعطف

                                                          ، ويروى : كالحني ، بكسر الحاء . ويقال : أعششت القوم إذا نزلت منزلا قد نزلوه قبلك فآذيتهم حتى تحولوا من أجلك . وجاءوا معاشين الصبح ، أي مبادرين . وعششت القميص إذا رقعته فانعش .

                                                          أبو زيد : جاء بالمال من عشه وبشه وعسه وبسه ، أي من حيث شاء . وعشه بالقضيب عشا ، إذا ضربه ضربات . قال الخليل : المعش المطلب ، وقال غيره : " المعس " ، بالسين المهملة . وحكى ابن الأعرابي : الاعتشاش أن يمتار القوم ميرة ليست بالكثيرة . وأعشاش : موضع بالبادية ، وقيل : في ديار بني تميم ، قال الفرزدق :


                                                          عزفت بأعشاش وما كنت تعزف     وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف

                                                          ، ويروى : وما كدت تعزف ، أراد عزفت عن أعشاش ، فأبدل الباء مكان عن . ويروى " بإعشاش " ، أي بكره ، يقول : عزفت بكرهك عمن كنت تحب ، أي صرفت نفسك . والإعشاش : الكبر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية