الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون أوكلما عاهدوا [ ص: 304 ] عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون

                                                                                                                                                                                                إلا الفاسقون : إلا المتمردون من الكفرة، وعن الحسن: إذا استعمل الفسق في نوع من المعاصي وقع على أعظم ذلك النوع من كفر وغيره.

                                                                                                                                                                                                وعن ابن عباس - رضي الله عنه -: قال ابن صوريا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل عليك من آية فنتبعك لها فنزلت، واللام في "الفاسقون": للجنس، والأحسن أن تكون إشارة إلى أهل الكتاب، أوكلما الواو للعطف على محذوف معناه: أكفروا بالآيات البينات وكلما عاهدوا، وقرأ أبو السمال بسكون الواو على أن (الفاسقون) بمعنى الذين فسقوا، فكأنه قيل: وما يكفر بها إلا الذين فسقوا، أو نقضوا عهد الله مرارا كثيرة، وقرئ (عوهدوا وعهدوا) واليهود موسومون بالغدر ونقض العهود، وكم أخذ الله الميثاق منهم ومن آبائهم فنقضوا، وكم عاهدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يفوا الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة [الأنفال: 56].

                                                                                                                                                                                                والنبذ الرمي بالذمام ورفضه، وقرأ عبد الله (نقضه فريق منهم) وقال: فريق منهم; لأن منهم من لم ينقض، بل أكثرهم لا يؤمنون : بالتوراة وليسوا من الدين في شيء، فلا يعدون نقض المواثيق ذنبا ولا يبالون به، كتاب الله يعني: التوراة; لأنهم بكفرهم برسول الله المصدق لما معهم كافرون بها نابذون لها، وقيل: "كتاب الله" القرآن، نبذوه بعدما لزمهم تلقيه بالقبول، كأنهم لا يعلمون : أنه كتاب الله لا يدخلهم فيه شك، يعني أن علمهم بذلك رصين، ولكنهم كابروا وعاندوا ونبذوه وراء ظهورهم، مثل لتركهم وإعراضهم عنه مثل بما يرمى بها وراء الظهر؛ استغناء عنه وقلة التفات إليه.

                                                                                                                                                                                                وعن الشعبي : هو بين أيديهم يقرءونه، ولكنهم نبذوا العمل به، وعن سفيان : أدرجوه في الديباج والحرير وحلوه بالذهب، ولم يحلوا حلاله ولم يحرموا حرامه.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية