الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6319 ) مسألة قال : وإذا طلقها وهي ممن قد حاضت ، فارتفع حيضها ، لا تدري ما رفعه ، اعتدت سنة وجملة ذلك ، أنالرجل إذا طلق امرأته ، وهي من ذوات الأقراء ، فلم تر الحيض في عادتها ، ولم تدر ما رفعه ، فإنها تعتد سنة ; تسعة أشهر منها تتربص فيها لتعلم براءة رحمها ; لأن هذه المدة هي غالب مدة الحمل ، فإذا لم يبن الحمل [ ص: 89 ] فيها ، علم براءة الرحم ظاهرا ، فتعتد بعد ذلك عدة الآيسات ، ثلاثة أشهر . هذا قول عمر رضي الله عنه ، قال الشافعي هذا قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار ، لا ينكره منهم منكر علمناه . وبه قال مالك ، والشافعي في أحد قوليه .

                                                                                                                                            وروي ذلك عن الحسن وقال الشافعي في قول آخر : تتربص أربع سنين ، أكثر مدة الحمل ، ثم تعتد بثلاثة أشهر ; لأن هذه المدة هي التي يتيقن بها براءة رحمها ، فوجب اعتبارها احتياطا . وقال في الجديد : تكون في عدة أبدا ، حتى تحيض ، أو تبلغ سن الإياس ، تعتد حينئذ بثلاثة أشهر . وهذا قول جابر بن زيد وعطاء وطاوس والشعبي والنخعي والزهري وأبي الزناد والثوري وأبي عبيد وأهل العراق ; لأن الاعتداد بالأشهر جعل بعد الإياس ، فلم يجز قبله ، وهذه ليست آيسة ، ولأنها ترجو عود الدم ، فلم تعتد بالشهور ، كما لو تباعد حيضها لعارض ولنا الإجماع الذي حكاه الشافعي ، ولأن الغرض بالاعتداد معرفة براءة رحمها ، وهذا تحصل به براءة رحمها ، فاكتفي به ، ولهذا اكتفي في حق ذات القرء بثلاثة قروء ، وفي حق الآيسة بثلاثة أشهر ، ولو روعي اليقين ، لاعتبر أقصى مدة الحمل ، ولأن عليها في تطويل العدة ضررا ، فإنها تمنع من الأزواج ، وتحبس دائما ، ويتضرر الزوج بإيجاب السكنى والنفقة عليه . وقد قال ابن عباس : لا تطولوا عليها الشقة ، كفاها تسعة أشهر .

                                                                                                                                            فإن قيل : فإذا مضت تسعة أشهر ، فقد علم براءة رحمها ظاهرا ، فلم اعتبرتم ثلاثة أشهر بعدها ؟ قلنا : الاعتداد بالقروء والأشهر إنما يكون عند عدم الحمل ، وقد تجب العدة مع العلم ببراءة الرحم ، بدليل ما لو علق طلاقها بوضع الحمل ، فوضعته ، وقع الطلاق ، ولزمتها العدة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية