الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عضل ]

                                                          عضل : العضلة والعضيلة : كل عصبة معها لحم غليظ . عضل عضلا فهو عضل وعضل إذا كان كثير العضلات ; قال بعض الأغفال :


                                                          لو تنطح الكنادر العضلا فضت شؤون رأسه فافتلا

                                                          وعضلته : ضربت عضلته . وفي صفة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان معضلا أي موثق الخلق ، وفي رواية : مقصدا ، وهو أثبت . وقال الليث : العضلة كل لحمة غليظة منتبرة مثل لحم الساق والعضد ، وفي الصحاح : كل لحمة غليظة في عصبة ، والجمع عضل ، يقال : ساق عضلة ضخمة . وفي حديث ماعز : أنه أعضل قصير ، هو من ذلك ، ويجوز أن يكون أراد أن عضلة ساقه كبيرة . وفي حديث حذيفة : أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بأسفل من عضلة ساقي وقال هذا موضع الإزار . والعضلة من النساء : المكتنزة السمجة . وعضل المرأة عن الزوج : حبسها . وعضل الرجل أيمه يعضلها ويعضلها عضلا وعضلها : منعها الزوج ظلما ; قال الله تعالى : فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن نزلت في معقل بن يسار المزني وكان زوج أخته رجلا فطلقها ، فلما انقضت عدتها خطبها ، فآلى أن لا يزوجه إياها ، ورغبت فيه أخته فنزلت الآية . وأما قوله تعالى : ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن العضل في هذه الآية من الزوج لامرأته ، وهو أن يضارها ولا يحسن عشرتها ليضطرها بذلك إلى الافتداء منه بمهرها الذي أمهرها ، سماه الله تعالى عضلا ; لأنه يمنعها حقها من النفقة وحسن العشرة ، كما أن الولي إذا منع حرمته من التزويج فقد منعها الحق الذي أبيح لها من النكاح إذا دعت إلى كفء لها ، وقد قيل في الرجل يطلع من امرأته على فاحشة قال : لا بأس أن يضارها حتى تختلع منه ، قال الأزهري : فجعل الله سبحانه وتعالى اللواتي يأتين الفاحشة مستثنيات من جملة النساء اللواتي نهى الله أزواجهن عن عضلهن ليذهبوا ببعض ما آتوهن من الصداق . وفي حديث ابن عمرو : قال له أبوه زوجتك امرأة فعضلتها ; هو من العضل المنع ، أراد إنك لم تعاملها معاملة الأزواج لنسائهم ولم تتركها تتصرف في نفسها فكأنك قد منعتها . وعضل عليه في أمره تعضيلا : ضيق من ذلك وحال بينه وبين ما يريد ظلما . وعضل بهم المكان : ضاق . وعضلت الأرض بأهلها إذا ضاقت بهم لكثرتهم ; قال أوس بن حجر :


                                                          ترى الأرض منا بالفضاء مريضة     معضلة منا بجمع عرمرم

                                                          ، وعضل الشيء عن الشيء : ضاق . وعضلت المرأة بولدها تعضيلا إذا نشب الولد فخرج بعضه ولم يخرج بعض فبقي معترضا ، وكان أبو عبيدة يحمل هذا على إعضال الأمر ويراه منه . وأعضلت ، وهي معضل ، بلا هاء ، ومعضل : عسر عليها ولاده ، وكذلك الدجاجة ببيضها ، وكذلك الشاء والطير ; قال الكميت :


                                                          وإذا الأمور أهم غب نتاجها     يسرت كل معضل ومطرق

                                                          ، وفي ترجمة عصل : والمعصل - بالتشديد - السهم الذي يلتوي إذا رمي به ; وحكى ابن بري عن علي بن حمزة قال : هو المعضل - بالضاد المعجمة - من عضلت الدجاجة إذا التوت البيضة في جوفها . والمعضلة أيضا : التي يعسر عليها ولدها حتى يموت ; هذه عن اللحياني . وقال الليث : يقال للقطاة إذا نشب بيضها : قطاة معضل . وقال الأزهري : كلام العرب قطاة مطرق وامرأة معضل . وقال أبو مالك : عضلت المرأة بولدها إذا غص في فرجها فلم يخرج ولم يدخل . وفي حديث عيسى ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام : أنه مر بظبية قد عضلها ولدها ، قال : يقال عضلت الحامل وأعضلت إذا صعب خروج ولدها ، وكان الوجه أن يقول بظبية قد عضلت فقال عضلها ولدها ، ومعناه أن ولدها جعلها معضلة حيث نشب في بطنها ولم يخرج . وأصل العضل المنع والشدة ، يقال : أعضل بي الأمر إذا ضاقت عليك فيه الحيل . وأعضله الأمر : غلبه . وداء عضال : شديد معي غالب ; قالت ليلى :


                                                          شفاها من الداء العضال الذي بها     غلام إذا هز القناة سقاها

                                                          ، ويقال : أنزل بي القوم أمرا معضلا لا أقوم به ; وقال ذو الرمة :


                                                          ولم أقذف لمؤمنة حصان     بإذن الله موجبة عضالا

                                                          ، وقال شمر : الداء العضال المنكر الذي يأخذ مبادهة ثم لا يلبث أن [ ص: 187 ] يقتل ، وهو الذي يعيي الأطباء علاجه ، يقال أمر عضال ومعضل ، فأوله عضال فإذا لزم فهو معضل . وفي حديث كعب : لما أراد عمر الخروج إلى العراق قال له : وبها الداء العضال ; قال ابن الأثير : هو المرض الذي يعجز الأطباء فلا دواء له . وتعضل الداء الأطباء وأعضلهم : غلبهم . وحلفة عضال : شديدة غير ذات مثنوية ; قال :


                                                          إني حلفت حلفة عضالا



                                                          وقال ابن الأعرابي : عضال هنا داهية عجيبة أي حلفت يمينا داهية شديدة . وفلان عضلة وعضل : شديد ، داهية ; الأخيرة عن ابن الأعرابي . وفلان عضلة من العضل أي داهية من الدواهي . والعضلة ، بالضم : الداهية . وشيء عضل ومعضل : شديد القبح ; عنه أيضا ; وأنشد :


                                                          ومن حفافي لمة لي عضل



                                                          ويقال : عضلت الناقة تعضيلا وبددت تبديدا وهو الإعياء من المشي والركوب وكل عمل . وعضل بي الأمر وأعضل بي وأعضلني : اشتد وغلظ واستغلق . وأمر معضل : لا يهتدى لوجهه . والمعضلات : الشدائد . وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال : أعضل بي أهل الكوفة ، ما يرضون بأمير ولا يرضاهم أمير ; قال الأموي في قوله أعضل بي : هو من العضال وهو الأمر الشديد الذي لا يقوم به صاحبه ، أي : ضاقت علي الحيل في أمرهم وصعبت علي مداراتهم . يقال : قد أعضل الأمر ، فهو معضل ; قال الشاعر :


                                                          واحدة أعضلني داؤها     فكيف لو قمت على أربع

                                                          وأنشد الأصمعي هذا البيت أبا توبة ميمون بن حفص مؤدب عمر بن سعيد بن سلم بحضرة سعيد ، ونهض الأصمعي فدار على أربع يلبس بذلك على أبي توبة ، فأجابه أبو توبة بما يشاكل فعل الأصمعي ، فضحك سعيد وقال لأبي توبة : ألم أنهك عن مجاراته في المعاني ؟ هذه صناعته . وسئل الشعبي عن مسألة مشكلة فقال : زباء ذات وبر ، لو وردت على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لعضلت بهم ; عضلت بهم أي : ضاقت عليهم ; قال الأزهري : معناه أنهم يضيقون بالجواب عنها ذرعا لإشكالها . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أعوذ بالله من كل معضلة ليس لها أبو حسن ، وروي معضلة ; أراد المسألة الصعبة أو الخطة الضيقة المخارج من الإعضال أو التعضيل ، ويريد بأبي الحسن علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه . وفي حديث معاوية وقد جاءته مسألة مشكلة فقال : معضلة ولا أبا حسن ! قال ابن الأثير : أبو حسن معرفة وضعت موضع النكرة كأنه قال : ولا رجل لها كأبي حسن ، لأن لا النافية إنما تدخل على النكرات دون المعارف . وفي الحديث : فأعضلت بالملكين فقالا يا رب إن عبدك قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها . وأعضألت الشجرة : كثرت أغصانها واشتد التفافها ; قال :


                                                          كأن زمامها أيم شجاع     ترأد في غصون معضئله

                                                          همز على قولهم دأبة وهي هذلية شاذة ; قال أبو منصور : الصواب معطئلة - بالطاء - وهي الناعمة ; ومنه قيل : شجر عيطل أي ناعم . والعضلة : شجيرة مثل الدفلى تأكله الإبل فتشرب عليه كل يوم الماء ; قال أبو منصور : أحسبه العصلة - بالصاد المهملة - فصحف . والعضل ، بفتح الضاد والعين : الجرذ ، والجمع عضلان . ابن الأعرابي : العضل ذكر الفأر ، والعضل : موضع ، وقيل : موضع بالبادية كثير الغياض . وعضل : حي . وبنو عضيلة : بطن . وقال الليث : بنو عضل حي من كنانة ، وقال غيره : عضل والديش حيان يقال لهما القارة وهم من كنانة . وقال الجوهري : عضل قبيلة ، وهو عضل بن الهون بن خزيمة أخو الديش ، وهما القارة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية