الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . قال شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية قدس الله روحه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا . ( باب طلاق السنة وطلاق البدعة فصل مختصر فيما " يحل من الطلاق ويحرم " وهل يلزم المحرم ؟ أو لا يلزم ؟ فنقول : الطلاق منه ما هو محرم بالكتاب والسنة والإجماع . ومنه ما ليس بمحرم " فالطلاق المباح " باتفاق العلماء - هو أن يطلق الرجل [ ص: 6 ] امرأته طلقة واحدة ; إذا طهرت من حيضتها بعد أن تغتسل وقبل أن يطأها ثم يدعها فلا يطلقها حتى تنقضي عدتها .

                وهذا الطلاق يسمى " طلاق السنة " فإن أراد أن يرتجعها في العدة فله ذلك بدون رضاها ولا رضا وليها . ولا مهر جديد . وإن تركها حتى تقضي العدة : فعليه أن يسرحها بإحسان فقد بانت منه . فإن أراد أن يتزوجها بعد انقضاء العدة جاز له ذلك ; لكن يكون بعقد ; كما لو تزوجها ابتداء أو تزوجها غيره ثم ارتجعها في العدة أو تزوجها بعد العدة وأراد أن يطلقها ; فإنه يطلقها كما تقدم . ثم إذا ارتجعها أو تزوجها مرة ثانية وأراد أن يطلقها فإنه يطلقها كما تقدم فإذا طلقها الطلقة الثالثة حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره كما حرم الله ذلك ورسوله وحينئذ فلا تباح له إلا بعد أن يتزوجها غيره النكاح المعروف الذي يفعله الناس إذا كان الرجل راغبا في نكاح المرأة ثم يفارقها .

                فأما إن تزوجها بقصد أن يحلها لغيره فإنه محرم عند أكثر العلماء كما نقل عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وغيرهم وكما دلت على ذلك النصوص النبوية والأدلة الشرعية . ومن العلماء من رخص في ذلك كما قد بين ذلك في غير هذا الموضع . [ ص: 7 ] وإن كانت المرأة مما لا تحيض لصغرها أو كبرها ; فإنه يطلقها متى شاء سواء كان وطئها أو لم يكن يطؤها ; فإن هذه عدتها ثلاثة أشهر . ففي أي وقت طلقها لعدتها ; فإنها لا تعتد بقروء ولا بحمل ; لكن من العلماء من يسمي هذا " طلاق سنة " ومنهم من لا يسميه " طلاق سنة " ولا " بدعة " .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية