الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) في منافع لا يجوز الاستئجار لها ومنافع يخفى الجواز فيها وما يعتبر فيها ( لا تصح إجارة مسلم لجهاد ) وإن قصد إقامة هذا الشعار وصرف عائدته للإسلام على الأوجه ؛ لأنه يتعين عليه بحضور الصف مع وقوعه عن نفسه وبه فارق حل أخذ الأجرة على نحو تعليم تعين عليه أما الذمي فيصح ، لكن من الإمام فقط استئجاره للجهاد كما يأتي في بابه ( ولا ) لفعل ( عبادة تجب لها ) أي فيها ( نية ) لها أو لمتعلقها بحيث يتوقف أصل حصولها عليها فالمراد بالوجوب ما لا بد منه ؛ لأن القصد امتحان المكلف بها بكسر نفسه بالامتثال وغيره لا يقوم مقامه فيه ولا يستحق الأجير شيئا وإن عمل طامعا [ ص: 156 ] لقولهم كل ما لا يصح الاستئجار له لا أجرة لفاعله وإن عمل طامعا وألحقوا بتلك الإمامة ولو في نفل ؛ لأنه مصل لنفسه فمن أراد اقتدى به وإن لم ينو الإمامة ، وتوقف فضل الجماعة على نيتها فائدة تختص به فلا يعود على المستأجر منها شيء أما ما لا تجب له نية كالأذان فيصح الاستئجار عليه والأجرة مقابلة لجميعه مع نحو رعاية الوقف ودخل في تجب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم للوقوف عنده ومشاهدته فلا يصح الاستئجار لها كما قاله الماوردي وغيره فزيارة قبر غيره أولى بخلاف الدعاء عند زيارة قبره المكرم ؛ لأنه مما تدخله النيابة وبخلاف السلام عليه صلى الله عليه وسلم فتدخلهما الإجارة والجعالة ومر أوائل الحج ما له تعلق بذلك فراجعه [ ص: 157 ] واختار أبو عبد الله الأصبحي جواز الاستئجار للزيارة ونقله عن ابن سراقة ( إلا الحج ) والعمرة فيجوز الاستئجار لهما ولأحدهما عن ميت أو معضوب كما مر ويتبعهما صلاة ركعتي نحو الطواف لوقوعهما عن المستأجر ( وتفرقة زكاة ) وكفارة وذبح وتفرقة أضحية وهدي وصوم عن ميت وسائر ما يقبل النيابة وإن توقف على النية لما فيها من شائبة المال .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 155 ] فصل في منافع لا يجوز الاستئجار لها إلخ ) ( قوله في المتن إجارة ) شامل للعين والذمة وقوله مسلم ينبغي أو مرتد والمسلم شامل للإمام فلو استأجره الآحاد للجهاد لم يصح وظاهره ولو إجارة ذمة وإن أمكنه إبدال نفسه باستئجار ذمي ؛ لأنه فرعه ( قوله في المتن لجهاد ) ومثله المرابطة كما أفتى به البلقيني ( قوله على الأوجه ) اعتمده م ر وعبارة شرح الروض عقب قوله فلا يستأجر له أي للجهاد مسلم قال الزركشي وغيره هذا إذا قصد المستأجر وقوع الجهاد عن نفسه فإن قصد إقامة هذا الشعار وصرف عائدته إلى الإسلام إلخ ( قوله وبه فارق حل أخذ الأجرة على نحو تعليم تعين عليه ) يتأمل الفرق فإنه إن أريد بوقوعه عن نفسه خروجه عن العهدة بكونه أدى ما لزمه فالتعليم المذكور كذلك ، وإن أريد أن فائدة الجهاد تقع له وتعود إليه فقد يمنع بأنها إنما تعود للإسلام أو المسلمين ، وإن كان هو أحدهم كما أن فائدة التعليم لا تعود للمعلم ، بل للمتعلم إلا أن يقال يكفي عود الفائدة إليه وإن لم تخصه فليتأمل

                                                                                                                              ( قوله فقط ) ظاهره امتناع ذلك من القاضي ونحوه أيضا ( قوله كما يأتي في بابه ) سيذكر فيه ترددا فيما لو أسلم بعد استئجاره هل تنفسخ كما لو استؤجر عينها لخدمة مسجد فحاضت أولا ويفرق فراجعه والفرق ممكن بتعذر العمل ثم لا هنا ( قوله أو لمتعلقها ) يمكن تمثيل هذا القسم بالإمامة ( قوله [ ص: 156 ] لقولهم كل ما لا يصح الاستئجار له إلخ ) كان المراد لا يقبل الصحة وإلا فالإجارة الفاسدة تجب فيها الأجرة ( قوله وألحقوا بتلك الإمامة إلخ ) وما جرت به العادة من جعل جامكية على ذلك فليس من باب الإجارة وإنما هو من باب الأرزاق والإحسان والمسامحة بخلاف الإجارة فإنها من باب المعاوضات شرح م ر ( قوله ودخل في تجب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم إلخ ) ليس في كلامه إفصاح بحكم الجعالة على الزيارة وقد قال في كتاب الزيارة ما نصه ذكر أصحابنا أن الاستئجار للزيارة لا يصح ؛ لأنه عمل غير مضبوط ولا مقدر بشرع وكذا الجعالة على نفس الوقوف عند القبر المكرم ؛ لأنه لا يقبل النيابة بخلافهما على الدعاء عنده لقبوله النيابة ولا أثر للجهل به أي لأنه يتسامح في أنواعه قال السبكي وبقي قسم ثالث وهو إبلاغ السلام ولا شك في جواز الإجارة والجعالة عليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فلا يصح الاستئجار لها إلخ ) في شرح م ر بخلاف الجعالة عليه أي على الدعاء عند زيارة قبره المعظم لدخول [ ص: 157 ] النيابة فيه وإن جهل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نحو الطواف ) كالإحرام ( قوله وذبح ) مضاف ( قوله لما فيها من شائبة المال ) يتأمل في الصوم عن الميت .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في منافع لا يجوز الاستئجار لها ) ( قوله في منافع ) إلى قوله كما بينتها في النهاية ( قوله وما يعتبر فيها ) أي في المنافع الثانية قول المتن ( لا تصح ) أي من إمام وغيره أسنى ومغني قول المتن ( إجارة ) شامل للعين والذمة و ( قوله مسلم ) ينبغي أو مرتد والمسلم شامل للإمام فلو استأجره الآحاد للجهاد لم يصح وظاهره ، ولو إجارة ذمة وإن أمكنه إبدال نفسه باستئجار ذمي لأنه فرعه سم على حج ا هـ ع ش قول المتن ( مسلم ) أي ولو عبدا ا هـ مغني زاد النهاية وصبيا ا هـ قول المتن ( لجهاد ) ومثله المرابطة كما أفتى به البلقيني سم ونهاية

                                                                                                                              ( قوله صرف عائدته للإسلام إلخ ) أي خلافا لمن قال بالصحة حينئذ ا هـ رشيدي عبارة شرح الروض قال الزركشي وغيره هذا أي عدم الصحة إذا قصد المستأجر وقوع الجهاد عن نفسه فإن قصد إقامة هذا الشعار وصرف عائدته أي فائدته إلى الإسلام فوجهان إلخ ا هـ ( قوله يتعين عليه ) أي حقيقة بأن كان مكلفا أو حكما بأن كان غير مكلف فإنه يلزم على وليه منعه من الخروج عن الصف ا هـ ع ش ( قوله وبه فارق إلخ ) أي بالوقوع عن نفسه ( قوله على نحو تعليم تعين عليه ) أي بالنسبة للأثر المترتب عليه وهو التعليم الحاصل للمتعلم فتكون الأجرة المبذولة في مقابله ولا كذلك في الجهاد فإنه ليس فيه أثر يحصل للغير ، وأما نصرة الدين ونحوه فلا يختص به أحد سيد عمر وسم ( قوله من الإمام فقط ) ظاهره امتناع ذلك من القاضي ونحوه أيضا سم على حج قال شيخنا وهو ظاهر ؛ لأن القاضي لا يجوز إلا فعل ما فوضه له الإمام انتهى ا هـ رشيدي

                                                                                                                              ( قوله أو لمتعلقها ) أي كالإمامة سم ورشيدي فإن متعلقها الصلاة ع ش ( قوله بحيث إلخ ) متعلق بتجب ( قوله حصولها عليها ) أي حصول العبادة على النية ( قوله لأن القصد إلخ ) تعليل للمتن ثم هو إلى قوله ودخل في المغني ( قوله لا بد منه ) أي في الحصول وإن لم يأثم بتركه ا هـ رشيدي ( قوله بها ) أي العبادة والجار متعلق بالمكلف و ( قوله بكسر إلخ ) متعلق بالامتحان و ( قوله بالامتثال ) متعلق بالكسر ( قوله وغيره ) أي غير المكلف [ ص: 156 ] قوله لقولهم كل ما لا يصح الاستئجار له إلخ ) كان المراد لا يقبل الصحة وإلا فالإجارة الفاسدة تجب فيها الأجرة سم على حج أي مع أنها بصفة الفساد لا يصح الاستئجار عليها ومع ذلك يجب فيها الأجرة ا هـ ع ش ( قوله وإن عمل طامعا ) ومن ذلك ما يقع لكثير من أرباب البيوت كالأمراء أنهم يجعلون لمن يصلي بهم قدرا معلوما في كل شهر من غير عقد إجارة فلا يستحق المعلوم ؛ لأن هذه إجارة فاسدة وما كان فاسدا لكونه ليس محلا للصحة أصلا لا شيء فيه للأجير ، وإن عمل طامعا فطريق من يصلي أن يطلب من صاحب البيت أو غيره أن ينذر له شيئا معينا ما دام يصلي فيستحقه عليه ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله وألحقوا بتلك الإمامة ) وما جرت به العادة من جعل جامكية على ذلك فليس من باب الإجارة وإنما هو من باب الأرزاق والإحسان والمسامحة بخلاف الإجارة فإنها من باب المعاوضة ا هـ نهاية قال ع ش قوله م ر من باب الأرزاق ومنه ما جرت به العادة من استنابة صاحب الوظيفة لمن يقوم مقامه فيها فيستحق ما جعله له وليس له أن يستنيب غيره إلا بإذن من منيبه وللأصيل باقي المعلوم المشروط ا هـ عبارة البجيرمي ، وأما من شرط له شيء في مقابلة الإمامة فإنه جعالة فإذا استأجر المشروط له من يقوم مقامه فيها فإنه يصح ؛ لأن نفعه حينئذ عائد على المستأجر ا هـ حلبي وهو غير نائب عنه في الإمامة حينئذ ، بل في القيام في محله فمتى أنابه فيه صح واستحق الجعل كما قرره شيخنا الحفني ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بتلك ) أي العبادة التي تجب لها نية و ( قوله الإمامة ) وكالإمامة الخطابة م ر ا هـ ع ش ويأتي آنفا عنه ما يخالفه ولعله أي ما يأتي هو الراجح ( قوله ولو في نفل ) كالتراويح ا هـ حفني

                                                                                                                              ( قوله كالأذان إلخ ) ومثله الخطبة وينبغي أن يدخل في مسمى الأذان إذا استؤجر له ما جرت به العادة من الصلاة والسلام بعد الأذان في غير المغرب ؛ لأنهما وإن لم يكونا من مسماه شرعا صارا منه بحسب العرف ا هـع ش وأقره الرشيدي عبارة الغرر ويدخل في الإجارة له الإقامة ولا يجوز الإجارة لها وحدها ؛ لأنه لا كلفة فيها قاله الرافعي ولا يخلو عن إشكال ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله مع نحو رعاية الوقت ) عبارة المغني والنهاية لا على رفع الصوت ولا على رعاية الوقت ولا على الحيعلتين كما قيل بكل منها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ودخل في تجب زيارة قبره إلخ ) صريح في وجوب النية فيها ولا بعد فيه لتمتاز عن الحضور عند قبره صلى الله عليه وسلم لا بذلك القصد ا هـ رشيدي ( قوله للوقوف عنده ومشاهدته ) وانظر ما متعلقه ولو آخره وذكره بدل قوله لها لكان ظاهرا ( قوله فتدخلهما الإجارة ) أي إذا عينا كأن كتبا له بورقة ( والجعالة ) أي وإن جهلا كما مر في الحج وفي البجيرمي عن ع ش وخرج به الاستئجار للدعاء عند ذلك فإنه صحيح حيث عين له ما يدعو به فإن لم يعين له ذلك لم تصح الإجارة أما الجعالة على الدعاء فتصح مطلقا لصحتها على المجهول ا هـ وعبارة النهاية بخلاف الجعالة عليه أي على الدعاء عند زيارة قبره المعظم لدخول النيابة فيه وإن جهل ا هـ قال ع ش قوله م ر وإن جهل قضيته عدم اشتراط تعيين ما يدعو به ا هـ وعبارة سم ليس في كلامه أي الشارح إفصاح بحكم الجعالة على الزيارة وقد قال في كتاب الزيارة ما نصه ذكر أصحابنا أن الاستئجار للزيارة لا يصح ؛ لأنه عمل غير مضبوط ولا مقدر بشرع وكذا الجعالة على نفس الوقوف عند القبر المكرم ؛ لأنه لا يقبل النيابة بخلافهما على الدعاء عنده لقبوله النيابة ولا أثر للجهل أي لأنه يتسامح في أنواعه قال السبكي وبقي قسم ثالث وهو إبلاغ السلام ولا شك في جواز الإجارة والجعالة عليه انتهى ا هـ

                                                                                                                              أقول وقوله ولا أثر للجهل [ ص: 157 ] إلخ ظاهره عدم اشتراط التعيين في الإجارة للدعاء كالجعالة له وهو مخالف لما مر آنفا فليرجع ذلك للجعالة فقط ( قوله واختار أبو عبد الله الأصبحي إلخ ) ضعيف ا هـ ع ش قول المتن ( إلا الحج ) بالنصب على الاستثناء أو الجر على البدلية من العبادة وهو المختار ( قوله والعمرة ) إلى قوله واهتماما به في المغني ( قوله نحو الطواف ) كالإحرام ا هـ سم ( قوله لوقوعهما ) أي الحج والعمرة ( قوله وذبح ) بلا تنوين على نية الإضافة إلى أضحية ا هـ سم ( قوله لما فيها من شائبة المال ) يتأمل في الصوم عن الميت ا هـ سم عبارة الرشيدي هو تعليل للمتن كما هو عادته م ر ومثله ما في معناه وإلا فالصوم عن الميت ليس فيه ذلك ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية