الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 101 ] باب الخلع في المرض من كتاب نشوز الرجل على المرأة

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " ويجوز الخلع في المرض كما يجوز البيع فإن كان الزوج هو المريض فخالعها بأقل من مهرها ثم مات فجائز لأن له أن يطلقها من غير شيء .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : الخلع في المرض جائز ، كالصحة ؛ لأنه عقد معاوضة فصح في المرض كالبيع ، ولأن المريض يصح طلاقه بغير بدل ، فصح بالبدل كالصحيح ، فإذا ثبت جوازه في المرض ، كجوازه في الصحة ، فإن كان الزوج مريضا صح خلعه سواء خالع بمهر المثل أو أقل ، لأنه لو طلقها بغير عوض صح ، فإذا خالعها بأقل من مهر المثل فأولى أن يصح .

                                                                                                                                            فإن قيل : فهلا الخلع كالبيع إذا خالع بأقل من مهر المثل أن يكون محاباة في الثلث كالمحاباة في البيع .

                                                                                                                                            قيل : لأنه لو أزال ملكه عن البضع بالطلاق من غير بدل صح من غير أن يكون معتبرا في الثلث ، فإذا أزاله بقليل البدل فأولى أن يصح ، ولا يكون معتبرا في الثلث ، وليس كذلك المال : لأنه لو أزال ملكه عنه بالهبة من غير بدل كان معتبرا من الثلث ، فكذلك إذا حابى فيه واقتصر على قليل البدل كان معتبرا من الثلث .

                                                                                                                                            فإن قيل : فلم كان إزالة الملك عن المال في المرض معتبرا من الثلث ، ولم يكن إزالة الملك عن البضع معتبرا من الثلث .

                                                                                                                                            قيل : إنما يعتبر في الثلث ما كان من حقوق الورثة ومنتقلا إليهم إرثا بالموت ، والمال منتقل إليهم بالإرث فكان معتبرا في الثلث ، وبضع الزوجة غير موروث ، ولا منتقل إليهم ، فلم يعتبر في الثلث ، ألا تراه لو أعتق عبدا في مرضه ، كان من ثلثه ، لأنه كان منتقلا إليهم بموته ، ولو أعتق أم ولده في مرضه كانت من أصل ماله لا من ثلثه : لأنها ليست منتقلة إليهم بموته . [ ص: 102 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية