الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6365 ) فصل : ولا يكفي في الاستبراء طهر واحد ، ولا بعض حيضة . وهذا قول أكثر أهل العلم . وقال بعض أصحاب مالك : متى طعنت في الحيضة ، فقد تم استبراؤها . وزعم أنه مذهب مالك وقال الشافعي ، في أحد قوليه : يكفي طهر واحد إذا كان كاملا ، وهو أن يموت في حيضها ، فإذا رأت الدم من الحيضة الثانية ، حلت ، وتم استبراؤها . وهكذا الخلاف في الاستبراء كله ، وبنوا هذا على أن القروء الأطهار ، وهذا يرده قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة } . وقال رويفع بن ثابت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يطأ جارية من السبي حتى يستبرئها بحيضة } . رواه الأثرم . وهذا صريح فلا يعول على ما خالفه .

                                                                                                                                            ولأن الواجب استبراء ، والذي يدل على البراءة هو الحيض ، فإن الحامل لا تحيض . فأما الطهر فلا دلالة فيه على البراءة ، فلا يجوز أن يعول في الاستبراء على ما لا دلالة فيه عليه ، دون ما يدل عليه . وبناؤهم قولهم هذا على قولهم : إن القروء الأطهار . بناء للخلاف على الخلاف ، وليس ذلك بحجة ، ثم لم يمكنهم بناء هذا على ذاك حتى خالفوه ، فجعلوا الطهر الذي طلقها فيه قرءا ، ولم يجعلوا الطهر الذي مات فيه سيد أم الولد قرءا ، وخالفوا الحديث والمعنى . فإن قالوا : إن بعض الحيضة المقترن بالطهر يدل على البراءة . قلنا : فيكون الاعتماد حينئذ على بعض الحيضة ، وليس ذلك قرءا عند أحد .

                                                                                                                                            فإذا تقرر هذا ، فإن مات عنها وهي طاهر ، فإذا طهرت من الحيضة المستقبلة حلت ، وإن كانت حائضا ، لم تعتد ببقية تلك الحيضة ، ولكن متى طهرت من الحيضة الثانية حلت ; لأن استبراء هذه بحيضة ، فلا بد من حيضة كاملة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية