الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا [ 128 ] .

                                                                                                                                                                                                                                        رفعت " امرأة " بإضمار فعل يفسره ما بعده ، وإنما يحسن هذا في " إن " ؛ لقوتها في باب المجازاة وإذا كان الفعل ماضيا ، وهو يجوز في المستقبل في الشعر ، وأنشد سيبويه :


                                                                                                                                                                                                                                        وإذا واغل ينبهم يحيو ه وتعطف عليه كأس الساقي



                                                                                                                                                                                                                                        وقول من قال : " خفت بمعنى تيقنت " خطأ . قال أبو إسحاق : المعنى وإن امرأة خافت من بعلها دوام النشوز . قال أبو جعفر : الفرق بين النشوز والإعراض : أن النشوز التباعد ، والإعراض أن لا يكلمها ولا يأنس بها . ( فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا ) هذه قراءة المدنيين ، وقرأ الكوفيون : ( أن يصلحا ) ، وقرأ عاصم الجحدري : ( أن يصلحا ) بفتح الياء وتشديد الصاد وفتحها ، وقرؤوا كلهم " صلحا " ، [ ص: 493 ] إلا أنه روي عن الأعمش أنه قرأ : ( إلا أن يصلحا بينهما إصلاحا ) قال أبو جعفر : وهذا كله محمول على المعنى ، كما يقال : هو يدعه تركا . فمن قال : " يصلحا " فالمصدر " إصلاحا " على قوله : وصلح اسم . ومن قال : " يصالحا " فالمصدر " إصلاحا " ، والأصل : " تصالحا " ثم أدغم . ومن قال : " يصلحا " فالأصل عنده : يصطلحا اصطلاحا ، ثم يدغم ، ونظيره قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        ورضت فذلت صعبة أي إذلال



                                                                                                                                                                                                                                        وقال آخر :


                                                                                                                                                                                                                                        وخير الأمر ما استقبلت منه     وليس بأن تتبعه اتباعا



                                                                                                                                                                                                                                        لأن معنى تتبعه وتتبعه واحد . وللنحويين في هذا قولان ؛ فمنهم من يقول : العامل فيه فعل محذوف ، والمعنى : إلا أن يصالحا بينهما ، فيصلح الأمر صلحا ، فعلى هذا القول لا يكنى عن المصدر متصلا . ومنهم من يقول : العامل فيه الأول ، والكلام محمول على المعنى ، فهذا يكنى عنه متصلا ، وهذا يقع مشروحا في باب الألف واللام . والصلح خير ابتداء وخبر وأحضرت الأنفس الشح أي تشح بما لها فيه من المنفعة . وإن تحسنوا وتتقوا أي وإن تؤثروا الإحسان والتقوى فتجملوا العشرة فإن الله كان بما تعملون خبيرا وإذا خبره جازى عليه .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية