الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الخامسة : قوله تعالى : { من نسائكم } اختلف الناس في ذلك ; فقال الأكثر من الصحابة : إن المراد بذلك الأزواج .

                                                                                                                                                                                                              وقال آخرون : المراد الجنس من النساء ، وتعلق من قال : إنهن الأزواج بقوله تعالى : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر } وقوله : { الذين يظاهرون منكم من نسائهم } وأراد الأزواج في الآيتين ، فكذلك في هذه الآية الثالثة ، وإذا كان إضافة زوجية فلا فائدة فيها إلا اعتبار الثيوبة ; قالوا : ولأن الله سبحانه ذكر عقوبتين : إحداهما أكبر من الأخرى ، وكانت الأكبر للثيب ، والأصغر للبكر . والصحيح عندي أنه أراد جميع النساء ; لأنه مطلق اللفظ الذي يقتضي ذلك وعمومه ، فأما الذي تعلقوا به من آية الإيلاء والظهار فإنما أوقفناه على الأزواج ; لأن الظهار والإيلاء من أحكام النكاح ; ألا ترى أن الإيلاء لما كان مجردا عن النكاح بأن يحلف ألا يطأ امرأة أجنبية فوطئها يحنث إذا وطئها إذا تزوجها ، وإنما وقف على الأجل في الزوجة رفعا للضرر . [ ص: 459 ]

                                                                                                                                                                                                              وأما قولهم : إنه ذكر عقوبتين فاقتضى أن يكون الأغلظ للأعظم والأقل للأصغر ، بناء منهم على أن الآيتين في النساء جميعا : إحداهما في الثيب ، والأخرى في البكر ، وهذا لا يصح ، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى . وقد قال المحققون من علمائنا : إن الحكمة في قوله تعالى : { من نسائكم } بيان حال المؤمنات ، كما قال تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } يعني من المؤمنين . وقال تعالى : { ذوي عدل منكم } ويفيد ذلك أن الحاكم لا يحد الكافرة إذا زنت ، وذلك يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية